jeudi 26 février 2009

ممنوع من النشر



من قاع القثــــوميات


إلى الأخ الدكالي


عمت مساء أيها الدكالي العظيم ، عمت مساء مقص الرقابة المحترم، عمتم مساء أيها الأحبة الكرام .

اسمحوا لي بادئ ذي بدء أن أرفع إلى أخينا خارج الحدود تشكراتي الحارة على اعتناءه البليغ بأجدادي،فهم أحق بالاعتناء... أجدادي يشهد التاريخ أنهم كانوا رجالا أباة، بناة ،ساهموا في التاريخ كل محطاته . فسعى إليهم الفينيقيون من أقاصي البحار . و تودد إليهم الوندال و الرومان .ِشاركوا في الحروب البونيقية و ساهموا في الحضارة الهيلينية و الغوطية . أجدادي قطعوا ضفة المتوسط قبل فجر التاريخ في شخص هنيعبل ، الذي حاصر روما وما أدريك ما روما؛ و سعى في عرشها ما سعى.أجدادي تصدوا للامتداد الفرعوني في شخص جوبا و ردوا المصريين صاغرين. أجدادي هم كسيله الأمازيغي و الكاهنة الأوربية و برغواطة و تامسنا ؛ أولئك الأباة الذين تصدوا للجراد البربري، و الغزو الهمجي ، و الاستلاب العربي،أولئك البناة و الأشاوس الذين آزروا الفاطميين و نصروهم و فتحوا لهم مصر وأعزوهم بالقاهرة و مكنوهم من الخلافة. كل أولئك هم أجدادي الذين يحق لكل من هو مغربي الافتخار بهم و الذين أشكر له اعتناءه بهم.

يراني يا سادتي يا كرام أخونا الدكالي غريبا في مجتمعي، وهو خارج الحدود، و كأني به تلك الكأس التي بما فيها ترشح،أو ذاك الذئب الذي من غباءه يضحك . أو أنه نسي أن المغرب مجتمع إنساني متحرك ديمقراطي يحترم حرية الرأي والتعبير و الاختلاف. فمن أين لأبي قثم و من يماثله بالغربة في مجتمع حر متفتح مثل المغرب. و ليسأل سيدنا الدكالى العظيم صلاة العصر و العشاء و نسبة من يؤمون تظاهرة الإيمان الأسبوعية. ثم ليقم بإحصاء عدد من يحفظ ذكره المبين ، و عدد من يتتبع سيرة نبيه الكريم ، و من عدد من يعرف أئمته و علماءه وشيوخه ، يعلم علم اليقين أن أبا قثم ليس غريبا في وطنه و بين أهله و عشيرته .و ليكن فضيلة الدكالي العظيم على يقين أن كل المغاربة يعرفون باستور، من هو ؟ متى عاش؟ ما هي فضائله الفعلية العملية و ليس الهضراوية على الإنسانية ؛ و قليل ، جد قليل منهم من يعرف البخاري . أما إينشطين فأصبح كالتيد شهرة حتى شمطا وات النساء في أعالي الجبال يعرفنه . و إن ذكرت لإحداهن النسائي او ابن ماجة أو القرطبي حملقت فيك متسائلة في حياءهل مسك الجنون . ناهيك عن فرويد و ماركس و هيجل و نيتشه الذين لن تجد طالبا مغمورا لا يعرف عنهم الصغيرة و الكبيرة.فليهنأ بال الدكالي العظيم فالملآحدة ليسوا منعزلين عن مجتمعهم و ليسوا غرباء في المغرب ، كما أنهم لا يرفضون هذا المجتمع و لا قيمه و لا تواثبه بقدر ما يسعون لتقويمه وتصحيحه و تطهيره ليصبح قمينا باستيعاب كل أفراده.

و يراني مريضا و أنتم تعلمون أنا نحن من يداويه إذا مرض، و نعالجه في مستشفياتنا و بأدويتنا. و أن الآيات و المساجد ما عالجت قط أحدا. و لكنا نلتمس له العذر، فعفيون ماركس قد أصاب نخاعه الشوكي بالتلف و غشا بصره. كما أن الإيمان الأعمى أصابه بالهوس الديني الذي يؤدي إلى الصرع و الهلوسة. إن أكبر علة نفسية يحملها المتزمت هي النرجسية و الإحساس المفرط بالنفس و الزهو و الافتخار الفارغ؛ و هو الذي يقول لهم و لا تمشي غي الأرض مرحا ، ثم ينسخها و يقول لهم كنتم خير أمة أخرجت للناس. فهم أحسن الناس لأن سورة تشهد بذلك. فلا داعي لنتساءل مع المتسائلين أهم فعلا أحسن الناس أم لا.؟ أ كانوا فعلا ذات يوم خير أمة أم لا.؟ و كيف استطاعوا أن يكونوا أحسن الناس و خير الأمم؟ و بالتالي لماذا هم اليوم أصبحوا أمثال الناس.؟

و بنفس الحول الإيماني المزمن، و بنفس النظرة المنحرفة ،ينظر أخونا إلى التاريخ، فيجد أن أمته كانت منتجة للحضارة و أنها من علم أوربا و من فتح أعينها على العلوم و على التقدم و الحضارة.!طيب .. فهل يستطيع أخونا المحترم أن يوضح لنا الأسباب التي جعلت أمته تخرج من نافذة التاريخ منذ أن اكتشف الأسبان و البرتغاليون الطرق البحرية و رأس الرجاء الصالح ثم العالم الجديد.؟ و استغنوا عن الطرق التجارية البرية المحتلة من طرف قراصنة الإسلام.؟!! ماذا حدث لإنتاجاتكم الفكرية و الفلسفية التي تعنينا في هذا التعليق ..؟ لماذا توقف عقرب التقدم لديكم بغتة و أنتم تنظرون ..؟ ثم هل الملاحدة الزنادقة مسلمون..؟! يتحدث عن الرازي و الخوارزمي و عن ابن سينا و ابن رشد فلم لا يضيف إليهم الراوندي و الكندي و المعري ولم لا أبو نواس أو حتى ابن سبأ. أم صناعاتهم و فنونهم حلال و آراءهم و نظرياتهم حرام..يستغلون إنتاجاتهم العلمية، و يعدمون أشخاصهم، و يحرقون أفكارهم ،في لعبة استلابية حقيرة يمارسونها على المجتمعات المفتوحة لهم المنهزمة أمامهم .. ثم هل يستطيع أن يوضح لنا الحكمة الكامنة وراء انتقال الفكر و الفلسفة و العلوم من أثينا و الإسكندرية إلى بغداد و البصرة و مكة و المدينة، ثم عودتها مرة أخرى إلى البندقية و جينوة المجاورتين لآثينا. ماذا فعلت الفلسفة في الشرق الأوسط.؟ هل تأسلمت.؟ أم حجت البيت.؟ من أثر في الآخر.؟ ومن تأثر.؟ و إذا علمنا علم اليقين أن الفكرين متناقضان لحد العداء فيحق لنا السؤال عمن انتصر على الآخر؟ و عمن حرف و شوه الآخر؟. ثم أي فلسفة هذه التي تعلمها الأوروبيون.؟ أ التي ترجمها المسلمون إلى رطانتهم و شحنوها بوساوسهم عن الكفر و الإيمان و الجنة و النار؟ أم تلك التي ترجمها أساتذة جينوة و البندقية إلى اللاتينية و التي لم يكتفوا بها و تعاطوا لتعلم اللغة اليونانية التي ليست عنهم ببعيد فأخذوا الفكر الصافي من منابعه.؟

أيها الدكالي العظيم الإسلام الذي تدعوني إليه نظرة بدوية إلى الإنسان و الكون . و نظام رعاة يرى العالم خلاء و الإنسان هباء و العقل ازدراء و التفكير حراما. فهل نظام من هذا القبيل ينتج علماء أو مفكرين؟ و بالتالي حضارة.؟ إن الشعوب التي ابتلتها الأقدار بالفتح كانت كلها شعوب متحضرة ومنتجة حتى أتاها السلب و النهب و السبي و الاستلاب ، و أصبحت بفضله مسلمة لا تملك من أمرها شيئا، و لا لقدرها ردا؛ فحل بها الكسل و الهوان، و أضحت شعوبا متخلفة مستهلكة . تاريخ هذه الشعوب أصبح تاريخ الإسلام.إنتاج هذه الشعوب أصبح إنتاج إسلام.فكر هذه الشعوب و لو كان منحرفا أصبح فكر الإسلام. و هذه هي قمة الاستلاب .

و يدعو لي بالهداية قائلا أنه يشفق علي من الكلام القاسي و كأني به يتصورني طفلا بضا ، يخاف عليه .فيا فرحتي .. ذاك ديدنهم . تزين لهم نرجسيتهم الكمال ، فيدعون للناس بما فضل عليهم من الرزق و الصحة، و المن و السلوى؛ ثم يأخذون الصدقات.حتى أصبح لكل نوع من الأدعية أجر معين. فبربكم كيف لفاقد شيء أن يعطيه. أ لا ترون أنهم يدعون للناس بالشفاء و هم مرضى محتاجون للتطبيب.؟ و يدعون للناس بالغنى الذي لا ينفذ و السعة التي لا تنضب.. وهم المعوزون الفقراء.؟ و يدعون للناس بالهداية.. و الطريق السوي.. و هم المنحرفون..و المجرمون الذين لو طبقت عليهم الشريعة، التي بها يلوحون؛لنصبوا في الساحات، و علقوا على رؤوس الأبواب.

أما الغريب في خطاب الدكالي، و الذي كاد يفلقني كما قال الشاعر، فهو حديثه عن العقل.فأنا لست أدري عن أي عقل يتحدث المشمول بالعناية الربانية.فالإسلام السني الأشعري تخلص من العقل منذ ولادته و رمى به في سلة القمامات. و لا داعي لتكرار ما قد يكون قرأه الأخ الدكالي عن رأينا في حق السنة و أهلها. أما الإسلام الإمامي فهذا هو الأخطر بين جميع المذاهب الإسلامية على العقل و على حق التفكير باسم العقل و التفكير بالذات.بل قد يكون أخطر حتى من تلك الحركات السنية المتطرفة .إذ باسم العقل ـ تلك الكلمة المغرقة في الجاذبية لكل من يستهويه التفكير الذي يعتبره الإماميون أحد مصادر عقيدتهم ـ يصادر الإماميون العقل و التفكير. كما أن الإمامي الذي يصفق لك حين تستعمل إحدى مقومات العقل في مناقشة التاريخ الإسلامي التي تتفق معه، مستعد في أي وقت كان لتكفيرك و قتلك ـ شأنه في ذلك شأن أتباع بني تيمية الذين يدعي عداءهم ـ حين تستعمل مقولات عقل أخرى في انتقاده.فعن أي عقل تتحدث بربك .. أ عن العقل الذي لا يسأل عن أشياء إن تبد له تسؤه أم عن العقل الذي لا يؤمن  إلا بمبدئ:

و لا يصح شيء في الأذهان

إذا احتاج النهار لدليل

أبو قــــــُم


mercredi 25 février 2009

كاريكاتير الذّبابة

كاريكــاتير الذبـــــــابة

يعتبر كاريكاتير الذبابة من أجمل ما جادت به قريحة فنّان المضيرة في حقّ رسوله و ولي نعمة بطنه ، و أول نموذج نتشرّف بعرضه

بالموازاة مع هريرياتنا التي لا تجمعها أسمال

و ممّا تجدر الإشارة إليه هو أن هذه اللوحة متوفّرة في العديد من المتاحف المحترمة و الراقية

هكذا نجد  البخاري يعرض هذا الكاريكاتير تحت الصورة رقم 100 في الجناح الرابع من معرضه صحيح البخاري
:
حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني عتبة بن مسلم قال أخبرني عبيد الله بن حنين قال سمعت فنّان المضيرة رضي الله عنه يقول :
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في إحدى جناحيه داء و الأخرى شفاء





و يعرض البخاري في نفس المعرض
وابن ماجه في معرضه سنن ابن ماجة
وكذلك أحمد في معرضه مسند أحمد عن فنّان المضيرة أنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه - كله - ثم لينزعه، فإن في أحد جناحيه داء وفى الآخر شفاء .
و نجد هذه اللوحة معروضة عند البزار ، وكذلك التبريزي في ( مشكاة المصابيح ) وابن حجر في (تلخيص الحبير)

و في نفس معرضه ينشر البخاري كاريكاتير فنّان المضيرة
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
 إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ، فإن في أحد جناحيه داء وفى الآخر شفاء وامقلوه يعنى اغمسوه
،
كما ورد في النهاية لابن الأثير.

و يعرض البخاري في نفس معرضه عن قتيبة ، عـن اسماعيل بن جعفر، عن عتبة بن مسلم مولى بنى تيم ، عن عبيد بن حنين مـولى بنى زريق، عن فنّان المضيرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
 
إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه ، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء  

و في معرض مسند أحمد نجده يعرض ليونس ، عن ليث ، عن محمد ، عن القعقاع ، عن أبى صالح ، عن فنّان المضيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال
إن الذباب في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، فإذا وقع في إناء أحدكم فليغمسه، فإنه يتقى بالذي فيه الداء، ثم يخرجه
و يعرض الدارامي في سننه لوحة عن سليمان بن حرب، عن حماد بن سلمة، عن ثمامة بن عبد الله ابن أنس، عن فنّان المضيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه ، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء 


إلى اللقاء مع لوحات كاريكاتورية أخرى

أبـــــــو قـــــــــــــــــــــثم



dimanche 22 février 2009

الهــــريريـــــات الجزء 3


الهريـــريــات
الــــــجزء الثـــــالث
لكل صحابي من صحابة بطل الله مناقب و مآثر يذكر بها اسمه ،إلا فّّناننا فمناقبه كانت مهازل و عجائب ،و مسخرات و غرائب . لذا سنحاول في هذا الجزء من الهريريات الوقوف على بعض النّواحي الهزلية في شخصية فنانا العجيبة عجب لوحاته الكاريكاتورية
فممّا يؤثر عنه أنه كان طفيليا شديد الّنهم ، يتكفف الأبواب و يستكفّ الناس، و قد لازمته هذه الصّفة طوال حياته ، حتى لقد جاءت الرّواية الصحيحة أنه لما نشب القتال في صفين بين علي و معاوية ـ كان يأكل على مائدة معاوية الفاخرة ، و يصلي خلف عليّ ، و إذا احتدم القتال لزم الجبل ـ (ص :64 ج1 شذرات الذّهب في تاريخ من ذهب لابن العماد الحنبلي) و لمّا سئل في ذلك قال:ـ مضيرة معاوية أدسم، و الصّلاة خلف عليّ أفضل ـ 
فسمّي بشيخ المضيرة في زمانه و فنّان المضيرة منذ اليوم.
 و المضيرة كانت من أفخم الأطعمة في زمانها ، فهي لحم يطبخ باللبن و ربما خلط بالحليب و هو الأجود ،ثمّ يضيفون إليه من الإبزار ما يوفّّر اللذة في طعمه ، و له مريقة يحمدون أكلها، و يقول الأستاذ محمد عبده في شرح مقامات بديع الزمان :
 ربّما تكون لبنية بلاد الشام هي المضيرة . إلا أنها و بفضل فنّاننا ستنال من الشّهرة و الذّيوع و الخلود ما لم ينله صنف آخر من الطعام، ذلك لعناية الكتاب و الشعراء الكبيرة بها. فقد ظلّوا يتندّرون بها ، و يغمزون فنّاننا من أجلها قرونا طوالا
قال الثعالبي في كتاب (ثما ر القلوب في المضاف و المنسوب ص86 ـ 87) ما يلي
 كان أبو هريرة على فضله و اختصاصه بالنّبي مزّاحا أكولا و كان يدّعي الطّبّ فيقول : أكل التمر أمان من القولنج ، و شرب العسل على الريق أمان من الفالج، و أكل السفرجل يحسن الولد ، و أكل الرّّّمّان يصلح الكبد، والزبيب يشدّ العصب ،و يذهب الوصب و النصب، و الكرفس يقوّي المعدة ، و القرع يزيد في اللبّ و يُرقّ البِشْرة ، و أطيب اللحم الكتف و حواشي فقار العنق و الظهر. و كان يديم أكل الهريسة و الفالوذج و يقول : هما مادّتا الولد ، و كان يعجبه المضيرة جدّا، فكان يأكل مع معاوية فإذا حضرت الصلاة صلّى خلف علي(ض) ، فإذا قيل له في ذلك قال : مضيرة معاوية أدسم ،و الصلاة خلف عليّ أفضل، و كان يقال له (شيخ المضيرة) و فيه يقول الشاعر
  و تولّى أبو هريرة عن نصـ
ـر عليّ ليستفيد الثريــــــــدا

و لعمري إن الثريد كثيــــــر
للذي ليس يستخفّ الهبيـــدا
( و الهبيد هو حب الحنضل الذي كان يطحنه الناس في أيام الجدب)
و في ربيع الأبرار نجد الزمخشري يقول :
 و كان أبو هريرة يعجبه المضيرة فيأكلها مع معاوية ، و إذا حضرت الصلاة ، صلّى خلف علي فإذا قيل له في ذلك قال: مضيرة معاوية أدسم و الصلاة خلف علي أفضل، و كان يقال له شيخ المضيرة
و في شذرات الذّهب في أخبار من ذهب للعماد الحنبلي :
وكان أبو هريرة يصلّي خلف عليّ و يأكل على سماط معاوبة و يعتزل القتال و يقول :
 الصّلاة خلف علي أتمُّ ، و سماط معاوية أدسم ، و ترك القتال أسلم.
 و في كتابه روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار يقول محمد بن يعقوب في باب الطعام و ألوانه :
إن أول من صنع المضيرة معاوية ، و إنّ أبا هريرة كان يستطيبها و يأكل عنده في أيام صفين و يصلي خلف علي و بذلك سمّي شيخ المضيرة ,و موقعة صفين كانت في شهر صفر سنة 38 للهحرة
أمّا بديع الزمان الهمداني فقد عقد مقامة خاصة من مقاماته سمّاها ـالمقامة المضيريةـ غمز فيها فنّاننا غمزة أليمة:
حدّثنا عيسى بن هشام ، كنت في البصرة و معي أبو الفتح الإسكندري ، رجل من الفصاحة ، يدعوها فتجيبه ، و البلاغة يأمرها فتطيعه ، وحضرنا معه دعوة بعض التّجّار فقدّمت إلينا مضيرة ، تثني على الحضارة ، و تترجرج في الغضارة ، و تؤذن بالسلامة ـ و تشهد لمعاوية بالإمامة ! ـ و في أمر شرح هذه العبارة نجد الأستاذ محمد عبده يقول  
و معاوية إدّعى الخلافة بعد بيعة علي بن أبي طالب ، فلم يكن من يشهد له بها في حياة علي ، إلا طلاب اللذائذ ، و بغاة الشهوات ، فلو كانت هذه المضيرة من طعام معاوية لحملت آكليها على الشهادة له بالخلافة ، و إن كان صاحب البيعة الشرعية حيّا ـ ( ص 109).. و لقد حملت فعلا فنّاننا و غيره على الشهادة لمعاوية بالخلافة !
و إذا كان استاذنا الإمام لم يذكر أبا هريرة صراحة إلا أنّه قد وفّاه حسابه تلميحا تماما كما فعل الهمداني
و في الحلية لأبي النعيم أن أبا هريرة كان في سفر فلمّا نزلوا وضعوا السّفرة و بعثوا إليه و هو يصلي فقال إني صائم ! فلما كادوا يفرغون ، جاء فجعل يأكل الطّعام فنظر القوم إلى رسولهم ! فقال : ما تنظرون ! قد و الله أخبرني أنه صائم . فقال أبو هريرة صدق . إني سمعت رسول الله (ص) يقول: صوم رمضان و صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدّهر ، و قد صمت ثلاثة أيام من أوّل الشهر فأنا مفطر في تخفيف الله صائم في تضعيف الله, و هذا الخبر أورده ابن كثير بتغيير في بعض الألفاظ (ص111 ج8 البداية و النهاية)
و في خاصّ الخاصّ للثعالبي (ص 43 ) 
 ـ كان أبو هريرة يقول ما شممت رائحة أطيب من رائحة الخبز، و ما رأيت فارسا أحسن من زبد على تمر ! ـ ما أجوعك يا فنّان المضيرة!
؛ و كما ، من نهمه ؛جعل الأكل من الطّبّ ،كما سبق أن ذكرنا على لسان الثعالبي،
 فإنّه جعله من المروءة! فقد سئل ما المروءة ؟ فقال تقوى الله و إصلاح الصنيعة و الغداء و العشاء بالأفنية !
و آخر دعوانا في باب نهم فنّان المضيرة دعاؤه الوارد في البداية و النهاية و في ربيع الأبرار للزمخشري:
اللهم ارزقني ضرسا طحونا ، و معدة هضوما ، و دبرا نثورا
 كمأ أجمع مؤرخو فنّاننا على أنه إلى جانب نهمه كان رجلا مزّاحا ، يتودّد إلى الناس و يسليهم بكثرة مزاحه و بالإغراب في قوله ، ليشتدّ ميلهم إليه و يزداد إقبالهم عليه.
قالت أعلم النّاس به عائشة بنت أبي بكر في حديث المهراس : رحم الله أبا هريرة ،لقد كان رجلا مهذارا ـ ( الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ، ص 106 )
و إليك يا سيدي بعض ما ورد في مزاحه و هذره
عن أبي رافع قال : كان مروان بن الحكم ربما استخلف أبا هريرة على المدينة فيركب حمارا قد شدّ عليه برذعة و في رأسه خلبة( حلقة) من ليف ،فيسير فيلقى الرّجل فيقول : الطّريق ، قد جاء الأمير ! و ربما أتى الصبيان و هم يلعبون بالليل لعبة الغراب فلا يشعرون حتى يلقي نفسه بينهم و يضرب برجليه فينفر الصبيان فيفرّون ـ 
( ص 121 من كتاب المعارف لابن قتيبة)
و رواية ابن كثير : كأنه مجنون يريد أن يضحكهم فيفزع الصبيان منه ، و يفرّون هنا و ههنا يتضاحكون ـ ( ص 113 ج8 من البداية و النهاية ).و عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال :
أقبل أبو هريرة في السّوق يحمل حزمة حطب ـ و هو يومئذ خليفة لمروان فقال : أوسع الطريق للأمير (ص 442 ج8 البداية و النهاية)و يضيف أبو نعيم في الحلية ـ يا أبن أبي مالك ، فقلت 
له : يكفي هذا ، فقال : أوسع الطريق للأمير و الحزمة عليه ـ
في الجزء المقبل سنتابع كيف و متى أقصي فنّان المضيرة غفر الله له من المدينة
و إلى اللقاء
في حلــقة أخرى من هريريات أبي هريرة

أبـــــــــــــو قـــــــــــثم

samedi 21 février 2009

من قاع القثوميات


أصحاب الصفة

يقول الإمام أبو حامد الغزالي:... من لم يشك لم ينظر، و من لم ينظر لم يبصر،ومن لم يبصر بقي في متاهات العمى و الضلال
و يقول رونييه ديكارت : الشك مفتاح اليقين
و قال تعالى: قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم...صدق الله العظيم.
نعم... الحقود بن الحقود هو من يقول أن النظام المغربي متخلف لأنه يشجع حركة التصوف، و أن المغاربة متخلفون لأنهم يتشبثون بتراثهم الصوفي. نعم... التشبث بالتصوف هو الذي عطل الغزو الإسلاموي البربري، المطلق التخلف ،و الهمجي للمغرب..
هذا ما أفحمك أول مرة، و قضّ مضجعك، و هبّ بك ترمينا بالحمير الناهقة و الكلاب الضالة ؛ دأب النواصب في كل زمان و مكان. و تستجهل الصوفية دونما علم، مستعليا بمذهب تجار الدين.ثم تنعت التصوف بالشعوذة. فكان ردّنا عليك أنِ التصوف مشروع الطموحين و أصحاب الهمم، مشروع الذين يؤمنون بالإنسان و قدراته و عظمته ، مشروع الذين يعملون على مكانتهم ،و الذين خصتهم الآية بالقول: و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون. و ليس مشروع الكسلاء المعتكفين بالمساجد الذين يفتون بالأجر وبالصدقات فرحين، أمثال أتباع أبي هريرة.
كما أردفتُ أن الشعوذة إنما تسللت إلى التصوف من المذهبين الأسطوريين السني و الشيعي، المتناحرين و المنتحرين بعداء بعضهما البعض، و عدائهما للغير. فما رأيت منك ردا و لا تكذيبا لأي حقيقة من الحقائق التي أوردتها و لا تفنيدا لأي فكرة من الأفكار التي سقتها .فحري بمن يريد التدخل إفحام الحجة بالحجة، و الدليل بالدليل، و الفرضية بالنقيض. و بما أن في مزبلتك متسع للأقنعة ،فهاك قناع التصوف زده فيها.فما أنا بالمجذوب و لا البوهالي و لا بذي المتربة.
و تدعي لنفسك الإتباع لأهل السنة متباهيا بعدم بصيرتك و بتبعيتك لأشياخك المقدسين الذين تبصر بأعينهم و تسمع بآذانهم و تفكر بما يلقون إليك في العشي و الأبكار .فماذا يفضلك عن بهاليل المتصوفة إذا، و رهبان الشيعة؟ فكلكم في الهم سواء. كلكم نعت ومنعوت ، تابع و متبوع ، عابد و معبود.
أ لم ينته إلى علمك العظيم أن السنة قد ضاقت بالتابعين العقيمين أمثالك ، و ضاقت بالكائنات المصفقة و الببغاوات و الغفلة الذين شوهوا صورتها و مسخوها عبر التاريخ ..؟ أ لم ينته إلى جليل معرفتك أن الدراويش ، الذين سماهم إمامهم و كبيرهم و عظيمهم ، شيخ المضيرة، بأهل الصّفّة ؛ قد وصموا السنة بالعار و حمّلوها من العيوب ما لم تستطع عليه صبرا. !!؟
فالصّفّة كانت سقيفة في مسجد النبي يأوي إليها كل وافد جديد على الإسلام ، و لم يجد له مأوى و لا عملا.يمكث فيها على نفقته و صدقات الوافدين و الزائرين وأهل المدينة الذين يؤثرون على أنفسهم و لو كانت بهم خصاصة. و هذه الصّفّة لم يرد ذكرها عند أي صحابي من صحابة رسول الله(ص) و لا عند ملازميه كما لم يذكرها مؤرخ و لا محدث إلا أبو هريرة و بعض تلامذته و أتباعه والمتمثلين بمذهبه كالعرباض بن سارية،
و اعلم أن كل محدث مجهول الهوية و الاسم والنسب فإنه ينسب إلى أصحاب الصّفة ،و أن كل المدلسين في الحديث و المفترين على الرسول بالدجل و الشعوذة تجدهم ينتسبون إلى أهل الصّفة.
لدى سأعيد السؤال من هو العرباض في الإسلام ؟من يكون ؟ ما أصله و ما فصله؟ ماهو مذهبه من هم أشياخه ومن أتباعه..؟ و تظن أنك باستعلائك عن الجواب وتجهيلك لنا قد رددت علينا سهامنا و في المقاتل أصبتنا. و حسبت أننا سنضع السلاح أمام عنعنتك الفارغة الجوفاء. لكن هيهات، هيهات.
فابن العرباض نكرة مجهولة في عالم الحديث‘واحد من المتسكعين الدراويش الذين يطعمهم رسول الله و يلازمون باب بيته في الحضر و السفر .و هذا ما أردناك أن تعلنه للناس.لا أن تأتي بحديث نكرة لمحدث نكرة ترمي به الغير و ترفعه جهلا إلى رسول الله و تمر هكذا مرور الكرام. فلم لا تقول للناس أن شيخك كان بوقا رخيصا من أبواق بني أمية و بني مروان ينادي باسمهم و يدعو لهم في أسواق الشام.؟؟ و لم لا تقول بأنه كا ن لسانا سلقا سلطه معاوية على أسياد العرباض ؛الذين كانوا يطعمونه من جوع و يؤمنونه من خوف ؛ من آل البيت الكرام.
و الذي يثير شديد العجب ،أن جنابك المهياب من أكبر مناهضي الشيعة و التشيع . فلماذا بترت الحديث و أخرجته عن سياقه ؟ أ ليس حري بك أن تهلل بأن الحديث أختلق في إطار حملة الرد العشواء على حديث الثقلين ، الذي ترفضونه
(في حديث سعيد الخذري أن النبي قال: تركت فيكم الثقلين الواحد أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عثرتي أهل بيتي. أ لا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض..أخرجه الترمذي و أبو يعلى و ابن أبي عاصم.)
و الحري بك أن تذكره كاملا حتى يتبين للناس أن الحديث وقع في المسجد و بعد صلاة ، و أنه كان بعد موعظة حضرها عدد كبير من المصلين أصحاب رسول الله . لنسألك عن راو آخر لذاك الحديث و عن سند آخر له من شأنه أن يؤكد صحته. فأنت لا تجد لهذا الحديث سندا غير شيخك و لا راويا غير شيخك، مما يؤكد عري حديثك و عدم صحته. شأن شيخك في هذا شأن إمام أهل الصّفة أبي هريرة ؛فأحاديثه هو الآخر لا سند لها غيره و لا راوي حدث بمثلها.
روى ابن سعد في طبقاته عن سعيد الأموي قال قالت عائشة لأبي هريرة: إنك لتحدث عن النبي(ص)حديثا ما سمعته منه ،فقال أبو هريرة:يا أمه طلبتها و شغلك عنها المرآة و المكحلة و ما كان يشغلني عنها شيء(طبقات ابن سعد ج2 ص364 ). و روى الذهبي في سيره قال:دخل أبو هريرة على عائشة فقالت له أكثرت يا أبا هريرة عن رسول الله (ص)، قال يا أماه ما كانت تشغلني عنه المرآة و المكحلة و لا الدهن،قالت:لعله.(سير أحلام النبلاء للذهبي ، ج2 ص604).
حديثك السيف الذي وضعته على رقبة التصوف لا تنتهي جميع أسانيده إلا إلى العرباض راويه الوحيد ، كما أنه إنما حُدّث به في الشام و تناقله و روّج له أهل الشام،و أكثر رواته من أهل حمص بالخصوص وهم أنصار معاوية و أشد أعداء علي. فأنت المناهض للتشيع حري بك إطلاع القراء على كل هذا...
و تدعي لنفسك الصلاح و الإصلاح فتدعوني إلى استغفار ربي أن افتريت على إمامك في الدروشة و ازدريته بلقب شيخ المضيرة .فحاشا أن أكون صلفا لدرجة تلقيب أعلام الحديث أو غيرهم؛ إنما لقب إمامك هذا لازمه منذ 13 قرنا ؛ إذ دوّنه المؤرخون و كبار العلماء و الكتاب في مؤلفاتهم؛ مثل الزمخشري في ربيع الأبرار و في أساس البلاغة، و بديع الزمان الهمداني في مقاماته والذي عقد له مقامة خاصة هي المقامة المضيرية. كما شرح الأستاذ محمد عبده أمر المضيرة و أمر شيخها، و مناصرته لمعاوية؛شرحا لاذعا.و تكلم عنه الثعالبي في كتابه(المضاف المنسوب).
ثم تدّعي صحبته و صحبة العرباض للنبي؛فانظر في الحديثين التاليين و أجبني، غفر الله لك.
ففي صحيح البخاري، باب كتاب البيوع الحديث 1906 يروي الإمام البخاري عن أبي هريرة: ... و كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه و سلم على ملء بطني.فأشهد إذا غابوا و أحفظ إذا نسوا(...) و كنت امرأ مسكينا من مساكين الصّفّة،أعي حين ينسون. انتهى . و الحديث الذي يرويه موسى بن سعد عن العرباض بن سارية قال: كنت ألزم باب بيت رسول الله في الحضر و السفر،فرأينا ليلة و نحن بتبوك و ذهبنا في حاجة فرجعنا إلى منزل رسول الله و قد تعشى و من عنده من أضيافه.. إلى آخر الحديث .و يا ما أطوله !!و ما أفرغه!! و قد نعود لتتمته.
فهل هذان الرجلان أصحاب رسول الله؟؟؟؟
إذا كان المتسكعون بباب البيوت ،المتدورون جوعا؛ كما يصف الاثنان و يحدثان به جهرا؛ أصحابا؛ فما منزلة أضياف الرسول الذين يتعشون معه حول الطاولة و قد يبيتون عنده في غرفه داخل منزله ؟
و ما منزلة أبي بكر و عمر و علي و ابن عوف و عثمان و غيرهم و غيرهم من الصحابة الأخيار.؟؟
ثم لم يذكر أيٌّ من المشهود لهم بصحبة النبي الحقيقية أن النبي كان يعشّيهم بالمعجزات، كثمر العرباض ابن سارية الذي يتزايد بإذن الرسول و بركته ، من سبع تمرات إلى خمسين يتعشى بها عشر رجال فيأكل كل واحد منهم عشر تمرات وتبقى في الأخير ثلاث يستحيي النبي أن يبقى على أكلها إلى أن يصل المدينة، فيأبى إلا أن يعطيها لغليم هو الآخر طلع على الجميع (تتمت حديث العرباض). لو صح هذا الحديث الحادث لسمي العرباض بأبي التمرات ، و لحكاه من ذكر أسماءهم على الأقل (جعال بن سراقة و عبد الله بن مغفل) و لرواه جميع الصحابة .
فهذه معجزة ،كيف يضنون بها على النبي و على العربض!!!؟.
و حتى إمام المتسكعين لم يذكر هذا الحادث، بل عوّضه بحديث جراب التمر( المزود) الذي بقي يأكل منه بعد وفاة النبي. و زاد عليه معجزة إكثار اللبن حتى يشرب منه أهل الصفة جميعا، ثم أبو هريرة، ثم رسول الله(ص) الذي يشرب من فضلهم.و قبل أن أنهي مع عرباضك ،الذي لا زلت أجهله، و سوف أبقى أجهله ، أسوق إليك هذا الحديث الذي رفعه؛ دون شهادة و لا سند من أحد غيره؛ مباشرة إلى الرسول .
عن العرباض قال أن رسول الله (ص) قال : يختصم الشهداء و المتوفون على فرشهم إلى ربنا في الذين يتوفون من الطاعون. فيقول الشهداء ، إخواننا قتلوا كما قتلنا . و يقول المتوفون على فرشهم: إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا. فيقول ربنا أنظروا إلى جراحهم فإن أشبهت جراحهم جراح المقتولين فإنهم منهم و معهم.فإذا جراحهم قد أشبهت جراحَهم.انتهى.
ما رأيك في هذا الحديث الذي يدعو السذج المؤمنين إلى أن يطأطئوا رؤوسهم للطاعون ويحسبوه الشهادة في سبيل الله و الرحمة من عنده.أو ترفعه أنت الآخر إلى رسول الله.؟؟أ و تدعو أنت الآخر من يقاوم الطاعون بمقاومة رحمة الله و التهرب من الاستشهاد في سبيله...؟فكيف بك ترضى بالعرباض ينسب هذه الجهالة إلى رسول الله...؟
فإليك الآن بقناع السنة أضفه إلى مزبلتك العظيمة.
السنة لا تتبرأ من الصّفّة و أصحابها اليوم فقط. و الدليل على هذا عدم ذكرها لهم. فهي تتجاهلهم و لا تعترف بهم و لا بصحبتهم لرسول الله. وحتى الرسول عينه، كان يتبرأ منهم ومن فعالهم و كان يتوجه إليهم بالخطاب فيقول لهم:
إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق،و منها العمل و الإنفاق و المسارعة في الخيرات و نفع العباد، و لم آتكم لأجعلكم أوعية لنقل أخبار الحاضرين و السالفين دون أن يكون لذلك أي تأثير في حياتكم و سلوككم !
و قال لهم أيضا :أخرجوا من هذه المسكنة و الذلة التي أنتم فيها، و اكسبوا قوتكم من عرق جبينكم،فإن الإسلام الذي جئتكم به لا يصنع المتسكعين المتسولين و إنما يصنع العباد العاملين ذوي الأيد...
هذا ما ساقني إليه حكم زبال الأقنعة عن التصوف و أهله، و هذا ما عملت دوما على تحاشيه فلا تحرمه بربك مقص الرقابة جوابنا عنه و ردنا عليه و لكم واسع النظر
أبــــــو قـــــــــــــــــثم


vendredi 20 février 2009

فـــي ظــــلال الإســــــلام





































أبو قـــــثم

من قاع القثوميات



vendredi 15 août 2008
أصحاب الصفة

يقول الإمام أبو حامد الغزالي:... من لم يشك لم ينظر، و من لم ينظر لم يبصر،ومن لم يبصر بقي في متاهات العمى و الضلال
و يقول رونييه ديكارت : الشك مفتاح اليقين
و قال تعالى: قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم...صدق الله العظيم.
نعم... الحقود بن الحقود هو من يقول أن النظام المغربي متخلف لأنه يشجع حركة التصوف، و أن المغاربة متخلفون لأنهم يتشبثون بتراثهم الصوفي. نعم... التشبث بالتصوف هو الذي عطل الغزو الإسلاموي البربري، المطلق التخلف ،و الهمجي للمغرب..
هذا ما أفحمك أول مرة، و قضّ مضجعك، و هبّ بك ترمينا بالحمير الناهقة و الكلاب الضالة ؛ دأب النواصب في كل زمان و مكان. و تستجهل الصوفية دونما علم، مستعليا بمذهب تجار الدين.ثم تنعت التصوف بالشعوذة. فكان ردّنا عليك أنِ التصوف مشروع الطموحين و أصحاب الهمم، مشروع الذين يؤمنون بالإنسان و قدراته و عظمته ، مشروع الذين يعملون على مكانتهم ،و الذين خصتهم الآية بالقول: و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون. و ليس مشروع الكسلاء المعتكفين بالمساجد الذين يفتون بالأجر وبالصدقات فرحين، أمثال أتباع أبي هريرة.
كما أردفتُ أن الشعوذة إنما تسللت إلى التصوف من المذهبين الأسطوريين السني و الشيعي، المتناحرين و المنتحرين بعداء بعضهما البعض، و عدائهما للغير. فما رأيت منك ردا و لا تكذيبا لأي حقيقة من الحقائق التي أوردتها و لا تفنيدا لأي فكرة من الأفكار التي سقتها .فحري بمن يريد التدخل إفحام الحجة بالحجة، و الدليل بالدليل، و الفرضية بالنقيض. و بما أن في مزبلتك متسع للأقنعة ،فهاك قناع التصوف زده فيها.فما أنا بالمجذوب و لا البوهالي و لا بذي المتربة.
و تدعي لنفسك الإتباع لأهل السنة متباهيا بعدم بصيرتك و بتبعيتك لأشياخك المقدسين الذين تبصر بأعينهم و تسمع بآذانهم و تفكر بما يلقون إليك في العشي و الأبكار .فماذا يفضلك عن بهاليل المتصوفة إذا، و رهبان الشيعة؟ فكلكم في الهم سواء. كلكم نعت ومنعوت ، تابع و متبوع ، عابد و معبود.
أ لم ينته إلى علمك العظيم أن السنة قد ضاقت بالتابعين العقيمين أمثالك ، و ضاقت بالكائنات المصفقة و الببغاوات و الغفلة الذين شوهوا صورتها و مسخوها عبر التاريخ ..؟ أ لم ينته إلى جليل معرفتك أن الدراويش ، الذين سماهم إمامهم و كبيرهم و عظيمهم ، شيخ المضيرة، بأهل الصّفّة ؛ قد وصموا السنة بالعار و حمّلوها من العيوب ما لم تستطع عليه صبرا. !!؟
فالصّفّة كانت سقيفة في مسجد النبي يأوي إليها كل وافد جديد على الإسلام ، و لم يجد له مأوى و لا عملا.يمكث فيها على نفقته  و صدقات الوافدين و الزائرين وأهل المدينة الذين يؤثرون على أنفسهم و لو كانت بهم خصاصة. و هذه الصّفّة لم يرد ذكرها عند أي صحابي من صحابة رسول الله(ص) و لا عند ملازميه كما لم يذكرها مؤرخ و لا محدث إلا أبو هريرة و بعض تلامذته و أتباعه والمتمثلين بمذهبه كالعرباض بن سارية،
و اعلم أن كل محدث مجهول الهوية و الاسم والنسب فإنه ينسب إلى أصحاب الصّفة ،و أن كل المدلسين في الحديث و المفترين على الرسول بالدجل و الشعوذة تجدهم ينتسبون إلى أهل الصّفة.
لدى سأعيد السؤال من هو العرباض في الإسلام ؟من يكون ؟ ما أصله و ما فصله؟ ماهو مذهبه من هم أشياخه ومن أتباعه..؟ و تظن أنك باستعلائك عن الجواب وتجهيلك لنا قد رددت علينا سهامنا و في المقاتل أصبتنا. و حسبت أننا سنضع السلاح أمام عنعنتك الفارغة الجوفاء. لكن هيهات، هيهات.
فابن العرباض نكرة مجهولة في عالم الحديث‘واحد من المتسكعين الدراويش الذين يطعمهم رسول الله و يلازمون باب بيته في الحضر و السفر .و هذا ما أردناك أن تعلنه للناس.لا أن تأتي بحديث نكرة لمحدث نكرة ترمي به الغير و ترفعه جهلا إلى رسول الله و تمر هكذا مرور الكرام. فلم لا تقول للناس أن شيخك كان بوقا رخيصا من أبواق بني أمية و بني مروان ينادي باسمهم و يدعو لهم في أسواق الشام.؟؟ و لم لا تقول بأنه كا ن لسانا سلقا سلطه معاوية على أسياد العرباض ؛الذين كانوا يطعمونه من جوع و يؤمنونه من خوف ؛ من آل البيت الكرام.
و الذي يثير شديد العجب ،أن جنابك المهياب من أكبر مناهضي الشيعة و التشيع . فلماذا بترت الحديث و أخرجته عن سياقه ؟  أ ليس حري بك أن تهلل بأن الحديث أختلق في إطار حملة الرد العشواء على حديث الثقلين ، الذي ترفضونه
(في حديث سعيد الخذري أن النبي قال: تركت فيكم الثقلين الواحد أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عثرتي أهل بيتي. أ لا إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض..أخرجه الترمذي و أبو يعلى و ابن أبي عاصم.)
و الحري بك أن تذكره كاملا حتى يتبين للناس أن الحديث وقع في المسجد و بعد صلاة ، و أنه كان بعد موعظة حضرها عدد كبير من المصلين أصحاب رسول الله . لنسألك عن راو آخر لذاك الحديث و عن سند آخر له من شأنه أن يؤكد صحته. فأنت لا تجد لهذا الحديث سندا غير شيخك و لا راويا غير شيخك، مما يؤكد عري حديثك و عدم صحته. شأن شيخك في هذا شأن إمام أهل الصّفة أبي هريرة ؛فأحاديثه هو الآخر لا سند لها غيره و لا راوي حدث بمثلها.
روى ابن سعد في طبقاته عن سعيد الأموي قال قالت عائشة لأبي هريرة: إنك لتحدث عن النبي(ص)حديثا ما سمعته منه ،فقال أبو هريرة:يا أمه طلبتها و شغلك عنها المرآة و المكحلة و ما كان يشغلني عنها شيء(طبقات ابن سعد ج2 ص364 ). و روى الذهبي في سيره قال:دخل أبو هريرة على عائشة فقالت له أكثرت يا أبا هريرة عن رسول الله (ص)، قال يا أماه ما كانت تشغلني عنه المرآة و المكحلة و لا الدهن،قالت:لعله.(سير أحلام النبلاء للذهبي ، ج2 ص604).
حديثك السيف الذي وضعته على رقبة التصوف لا تنتهي جميع أسانيده إلا إلى العرباض راويه الوحيد ، كما أنه إنما حُدّث به في الشام و تناقله و روّج له أهل الشام،و أكثر رواته من أهل حمص بالخصوص وهم أنصار معاوية و أشد أعداء علي. فأنت المناهض للتشيع حري بك إطلاع القراء على كل هذا...
و تدعي لنفسك الصلاح و الإصلاح فتدعوني إلى استغفار ربي أن افتريت على إمامك في الدروشة و ازدريته بلقب شيخ المضيرة .فحاشا أن أكون صلفا لدرجة تلقيب أعلام الحديث أو غيرهم؛ إنما لقب إمامك هذا لازمه منذ 13 قرنا ؛ إذ دوّنه المؤرخون و كبار العلماء و الكتاب في مؤلفاتهم؛ مثل الزمخشري في ربيع الأبرار و في أساس البلاغة، و بديع الزمان الهمداني في مقاماته والذي عقد له مقامة خاصة هي المقامة المضيرية. كما شرح الأستاذ محمد عبده أمر المضيرة و أمر شيخها، و مناصرته لمعاوية؛شرحا لاذعا.و تكلم عنه الثعالبي في كتابه(المضاف المنسوب).
ثم تدّعي صحبته و صحبة العرباض للنبي؛فانظر في الحديثين التاليين و أجبني، غفر الله لك.
ففي صحيح البخاري، باب كتاب البيوع الحديث 1906 يروي الإمام البخاري عن أبي هريرة: ... و كنت ألزم رسول الله صلى الله عليه و سلم على ملء بطني.فأشهد إذا غابوا و أحفظ إذا نسوا(...) و كنت امرأ مسكينا من مساكين الصّفّة،أعي حين ينسون. انتهى . و الحديث الذي يرويه موسى بن سعد عن العرباض بن سارية قال: كنت ألزم باب بيت رسول الله في الحضر و السفر،فرأينا ليلة و نحن بتبوك و ذهبنا في حاجة فرجعنا إلى منزل رسول الله و قد تعشى و من عنده من أضيافه.. إلى آخر الحديث .و يا ما أطوله !!و ما أفرغه!! و قد نعود لتتمته.
فهل هذان الرجلان أصحاب رسول الله؟؟؟؟
إذا كان المتسكعون بباب البيوت ،المتدورون جوعا؛ كما يصف الاثنان و يحدثان به جهرا؛ أصحابا؛ فما منزلة أضياف الرسول الذين يتعشون معه حول الطاولة و قد يبيتون عنده في غرفه داخل منزله ؟
و ما منزلة أبي بكر و عمر و علي و ابن عوف و عثمان و غيرهم و غيرهم من الصحابة الأخيار.؟؟
ثم لم يذكر أيٌّ من المشهود لهم بصحبة النبي الحقيقية أن النبي كان يعشّيهم بالمعجزات، كثمر العرباض ابن سارية الذي يتزايد بإذن الرسول و بركته ، من سبع تمرات إلى خمسين يتعشى بها عشر رجال فيأكل كل واحد منهم عشر تمرات وتبقى في الأخير ثلاث يستحيي النبي أن يبقى على أكلها إلى أن يصل المدينة، فيأبى إلا أن يعطيها لغليم هو الآخر طلع على الجميع (تتمت حديث العرباض). لو صح هذا الحديث الحادث لسمي العرباض بأبي التمرات ، و لحكاه من ذكر أسماءهم على الأقل (جعال بن سراقة و عبد الله بن مغفل) و لرواه جميع الصحابة .
فهذه معجزة ،كيف يضنون بها على النبي و على العربض!!!؟.
و حتى إمام المتسكعين لم يذكر هذا الحادث، بل عوّضه بحديث جراب التمر( المزود) الذي بقي يأكل منه بعد وفاة النبي. و زاد عليه معجزة إكثار اللبن حتى يشرب منه أهل الصفة جميعا، ثم أبو هريرة، ثم رسول الله(ص) الذي يشرب من فضلهم.و قبل أن أنهي مع عرباضك ،الذي لا زلت أجهله، و سوف أبقى أجهله ، أسوق إليك هذا الحديث الذي رفعه؛ دون شهادة و لا سند من أحد غيره؛ مباشرة إلى الرسول .
عن العرباض قال أن رسول الله (ص) قال : يختصم الشهداء و المتوفون على فرشهم إلى ربنا في الذين يتوفون من الطاعون. فيقول الشهداء ، إخواننا قتلوا كما قتلنا . و يقول المتوفون على فرشهم: إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا. فيقول ربنا أنظروا إلى جراحهم فإن أشبهت جراحهم جراح المقتولين فإنهم منهم و معهم.فإذا جراحهم قد أشبهت جراحَهم.انتهى.
ما رأيك في هذا الحديث الذي يدعو السذج المؤمنين إلى أن يطأطئوا رؤوسهم للطاعون ويحسبوه الشهادة في سبيل الله و الرحمة من عنده.أو ترفعه أنت الآخر إلى رسول الله.؟؟أ و تدعو أنت الآخر من يقاوم الطاعون بمقاومة رحمة الله و التهرب من الاستشهاد في سبيله...؟فكيف بك ترضى بالعرباض ينسب هذه الجهالة إلى رسول الله...؟
فإليك الآن بقناع السنة أضفه إلى مزبلتك العظيمة.
السنة لا تتبرأ من الصّفّة و أصحابها اليوم فقط. و الدليل على هذا عدم ذكرها لهم. فهي تتجاهلهم و لا تعترف بهم و لا بصحبتهم لرسول الله. وحتى الرسول عينه، كان يتبرأ منهم ومن فعالهم و كان يتوجه إليهم بالخطاب فيقول لهم:
إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق،و منها العمل و الإنفاق و المسارعة في الخيرات و نفع العباد، و لم آتكم لأجعلكم أوعية لنقل أخبار الحاضرين و السالفين دون أن يكون لذلك أي تأثير في حياتكم و سلوككم !
و قال لهم أيضا :أخرجوا من هذه المسكنة و الذلة التي أنتم فيها، و اكسبوا قوتكم من عرق جبينكم،فإن الإسلام الذي جئتكم به لا يصنع المتسكعين المتسولين و إنما يصنع العباد العاملين ذوي الأيد...
هذا ما ساقني إليه حكم زبال الأقنعة عن التصوف و أهله، و هذا ما عملت دوما على تحاشيه فلا تحرمه بربك مقص الرقابة جوابنا عنه و ردنا عليه و لكم واسع النظر
أبــــــو قـــــــــــــــــثم


jeudi 19 février 2009

نــــكاح الــــضيزن و نــــكاح الــــمحارم


نكاح الضيزن

هو وراثة النكاح الذي ينص على وراثة المرأة ، زوجة الأب أو الابن ، بعد موت بعلها.
ويقول محمد صالح المسوي في نفحات الاقتران (ص.116) :
ـ و العرب تقول إنها عادة فارسية نص القرآن بوضوح لا لبس فيه على تحريمها في الآية الثانية و العشرين من سورة النساء: و لا تنكِحوا ما نكح آباؤكم من النساء ، إلا ما قد سلف ، إنه كان فاحشة و مقتا و ساء سبيلا..
و لذلك سماه العرب بنكاح الضيزن أو المقت
و الضيزن في الأصل: النخاس أو الشريك في المرأة، ثم صار يطلق على الذي يشارك أباه في امرأته
و من أسمائه المقت. ذلك أنه كان ممقوتا عند أهل الجاهلية.
 و عند ابن منظور في لسان العرب نجد الحديث:
لم يصبنا عيب من عيوب الجاهلية في نكاحها و مقتها .
و يستطرد قائلا:
و المقت في الأصل : أشدّ البغض ، و نكاح المقت: أن يتزوّج الرجل امرأة أبيه إذا طلّقها أو مات عنها.أمّا المقتي : فهو الذي يتزوّج امرأة أبيه.( ج: 13 ً : 345 )
و رغم أن القرآن حرّم وراثة النكاح تحريما قطعيا في سورة النساء : ( يأيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها و لا تعضلوهن.(الآية : 19) فقد اختلف المحدّثون في تأويل أسباب نزول هذه الآية:
 < فمنهم من قال: أن أهل الجاهلية كانوا إذا مات الرّجل صار أولياؤه أحقَّ بامرأته، إن شاء بعضهم تزوّجها و إن شاءوا زوّجوها و إن شاءوا لم يزوّجوها، فهم أحقُّ بها من أهلها. أو أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها ، أي يمنعها نكاح غيره ، حتى تموت أو تردّ إليه صداقها فنزلت هذه الآية أما ابن عباس فقد قال في تفسيرها: إنّ الرجل إذا مات و ترك جارية ألقى عليها حميمه ثوبه، فمنعها من الناس. فإن كانت جميلة تزوّجها، و إن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها. و نقل السّدي عن ابن مالك : أن المرأة في الجاهلية كانت إذا مات زوجها جاء وليها فألقى عليها ثوبا .فإن كان له ابن صغير أو أخ ، حبسها حتى يشب أو تموت فيرثها، فإن هي انفلتت فأتت أهلها ، و لم يلق عليها ثوبا ، نجت..>
  تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ج: 1 ص : 465
لكن الحادثة الأساسية التي أوجدت آية التحريم كما يحكي المصدر نفسه في صفحته الثامنة و الستين بعد الأربعمائة:
لمّا توفي أبو قيس بن الأسلت ، و هو رجل من الأنصار ، خطب ابنه قيس امرأته ، فقالت: <إنما كنت أعدك ولدا لي و أنت من صالحي قومك ، و لكني آتي رسول الله.> فقالت للرسول:< إنّ أبا قيس توفّي > ، فقال:< خيرا> ، ثم قالت : <إن ابنه قيسا خطبني، و هو من صالحي قومه ، و إنّما كنت أعده ولدا، فما ترى ؟.> ، فقال لها: <ارجعي إلى بيتك .>فنزلت هذه الآية في تحريمه.
إلا أن هذا النكاح لم يكن مطلقا عند أهل الجاهلية، فقد وضعوا شروطا لشرعيته ، منها:
أن تكون المرأة أصغر سنّا ممن يريد أن يخلف أباه عليها، و أن لا تكون قد ولدت للأب شيئا، و أن لا تكون أختا لأم الولد الذي يريد زواجها.و يضيف الموسوي في نفحات الاقتران:< فإذا اجتمعت هذه الشروط و أحبّ الخلف أن يتزوّجها فألقى عليها ثوبه ، كان أحقّ بها. فإن شاء تزوّجها وراثة من غير صداق، و إن شاء زوّجها غيره و أخذ صداقها ، و إن شاء عضلها لتفتدي نفسها منه> (ص : 38)
و ذكر السهيلي أنّ هذا النمط من النكاح قد وقع في نسب النبي.
فإن كنانة تزوّج امرأة أبيه خزيمة، و هي برّة بنت مرّة، فولدت له النضر.و أن هاشما تزوّج وافدة امرأة أبيه عبد مناف، فولدت له المطّلب.كما تزوّج منظور بن سيّار زوجة أبيه سيّار، و هي مليكة بنت خارجة، فأولدها هاشما و جبّارا و خولة ، التي تزوّجها الحسن بن علي بن أبي طالب، فولدت الحسن المثنى، فلمّا أسلم منظور أُلزِم بفراق مليكة و اعتبر أولاده منها أولادا شرعيين ( ص : 105 ـ106 من نفس المصدر)

عموما ، فإن موقف الطوائف الإسلامية من هذا النكاح هو التحريم المطلق

وقد بالغ بعضهم في ذلك، فالأحناف يرون أن حتّى مَن لمس امرأة أو قبلها أو نظر إلى فرجها بشهوة ، فقد حرّمت عليه أصولها و فروعها، و تُحرم على أصوله و فروعه 
( فقه السنة ، السيد سابق ، المجلد 2 ، ص :25)
و رغم أنّ الإمام جعفر الصادق يقول :< إن الفرج يحلّ بثلاثة: نكاح بميراث ، و نكاح بلا ميراث ، و نكاح بملك اليمين> (الفروع من الكافي ، الكيليني ، < :5 ص : 346 ونجد في الكتاب المقدّس ما يفيد أن تحريم هذا النكاح تقليد سامي : <إذا اضطجع رجل مع امرأة أبيه فقد كشف عورة أبيه. إنهما سيقتلان كلاهما .دمهما عليهما. >
 ـ الكتاب المقدّس ، العهد القديم ، سفر اللاويين ، إصحاح 20)






نكاح المحارم

و هو تحريم تقليدي موروث من العصر الموسوي القديم يلزم بمنع الاتصال الجنسي بين أفراد الأسرة الواحدة. اختزله القرآن في آية واحدة خاصّة به وردت في سورة النساء:
حرّمت عليكم أمّهاتكم
و بناتكم 
و أخواتكم
و عمّاتكم
و خالاتكم
و بنات الأخ
و بنات الأخ
و بنات الأخت و أمهاتكم اللاتي أرضعنكم
و أخواتكم من الرّضاعة
 و أمهات نسائكم
و ربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم
و حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم
و أن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف. إن الله كان غفورا رحيما. (النساء ، 23)
يجمع الفقهاء على أن القرآن ، في هذه الآية، قد حرّم سبعا من النسب و ستا من الرّضاع و الصهر. ثم ألحقت السنن المتواترة تحريم الجمع بين المرأة و عمّتها، و بين المرأة و خالتها و كأن ذلك كان على الله خفيا .
فأمّا السبع المحرّمات من النسب فهنّ: الأمّهات ، و البنات و الأخوات و العمّات و الخالات و بنات الأخ و بنات الأخت.
و أمّا المحرّمات بالصهر و الرضاع فهنّ الأمهات من الرضاعة، الأخوات من الرّضاعة ، و أمّهات النساء، الرّبائب ،، حلائل الأبناء ، الجمع بين الأختين، (السابعة) منكوحات الآباء و (الثامنة) الجمع بين المرأة و عمّتها..
و يمكننا هنا بإدراج التحريمات التوراتية الواردة في سفر اللاويين، الإصحاح 18و 20 مع التقديم و التأخير ، معرفة مدى تطابق النص القرآني مع الإصحاحين
تقول التوراة
ـ لا يقترب إنسان إلى قريب جسده ليكشف العورة..6/18
ـ عورة أبيك و عورة أمّك لا تكشف، إنها أمّك لا تكشف عورتها 7/18
 ـ و إذا اضطجع رجل مع امرأة أبيه فقد كشف عورة أبيه. إنّهما يقتلان كلاهما 11/20
ـ عورة أختك بنت أبيك أو بنت أمّك، المولودة في البيت أو خارجاً، لا تكشف عورتها. 9/18
ـ عورة بنت امرأة أبيك ، المولودة من أبيك، لا تكشف عورتها، إنها أختك. 11/18
ـ و إذا أخذ الرجل أخته بنت أبيه أو بنت أمّه ، ورأى عورتها و رأت هي عورته‘ فذلك عار. يقطعان أمام أعين بني شعبهما، قد كشف عورة أخته يحمل ذنبه.18/20
ـ عورة امرأة أخيك لا تكشف.إنها عورة أخيك26/18
ـ و إذا أخذ الرجل امرأة أخيه فذلك نجاسة ، قد كشف عورة أخيه. 21/20
ـ عورة كنّتك لا تكشف، إنها امرأة ابنك ، لا تكشف عورتها 15/18
 ( سنة 82 من القرن الماضي حضرت لشيخ هرم في السبعينات من عمره يطوفون به السّوق قد أحبل بنت ابنه و هي مراهقة في السابعة عشر من عمرها حوكم حينها بخمسة عشر سنة سجنا ، و توفّي في السجن)
ـ و إذا اضطجع رجل مع كنته فإنهما يقتلان 12/20
ـ عورة أخت أبيك لا تكشف.إنها قريبة أبيك12/18
ـ عورة أخت أمك لا تكشف، إنها قريبة أمّك.13/18
ـ عورة أخت أمّك أو أخت أبيك لا تكشف.19/20
ـ عورة أخت أبيك لا تكشف، إلى امرأته لا تقترب، إنها عمّتك 14/18
ـ و إذا اضطجع رجل مع امرأة عمّه، فقد كشف عورة عمّه، يحملان ذنبهما.20/22
ـ عورة ابنة ابنك أو ابنة بنتك ، لا تكشف عورتها ، إنّها عورتك.10/18
ـ عورة امرأة و بنتها لا تكشف. و لا تأخذ ابنة ابنها أو ابنة ابنتها لتكشف عورتها، إنهما قريبتاها، إنه رذيلة.17/18
ـ و إذا اتخذ الرجل امرأة و أمّها فذلك رذيلة بالنار يحرقونه و إياها.14/20
ـ و لا تأخذ امرأة على أختها للضرّ ، لتكشف عورتها معها في حياتها18/18

من هنا يتّضح أن الإسلام لم يخرج عن التعاليم التوراتية، بل زاد فيها ما يتعلّق بالرضاعة:
هكذا نجد في مختصر صحيح مسلم للنيسابوري الحديث:
ـ إنّ الرضاعة تحرّم ما تحرّم الولادة.(تحقيق الألباني ‘ ص : 220) 
و في صحيح سنن الترمذي:
ـ إنّ الله حرّم من الرضاع ما حرّم من الولادة ( تحقيق الألباني ، ج : 1، ص : 235 )
 و يفصّل الإمام الخميني، في كتابه ( تحرير الوسيلة) ، النسب تفصيلا دقيقا، فهو يراه سبعة أصناف من النساء ، و سبعة من الرجال:
الأم ،بما شملت الجدّات، عاليات و سافلات ، لأب كنّ أو لأم. فتحرم المرأة على ابنها ، و على ابن ابنها ، و ابن ابن ابنها. و على ابن بنتها ، و ابن بنت ابنها ، و هكذا. و البنت ، بما شملت الحفيدة . فتحرم على الرجل بنته ، و بنت ابنه ، و بنت ابن ابنه، و بنت بنته ، و بنت بنت بنته.
و الأخت ، لأب أو كانت لأم ، أو لهما معاً.
و بنت الأخ ، سواء كان لأب أو لأم أو لهما معا ، فتحرم عليه بنت أخيه، و بنت ابنه ، و بنت ابن ابنه ، و بنت بنته ، و بنت بنت بنته ، و بنت ابن بنته ، و هكذا.
و بنت الأخت ، و هي كل أنثى تنتمي إلى أخته بالولادة على النحو الذي ذكر في بنت الأخ.
 و العمّة، و هي كل أنثى تكون لذكر ينتمي إليه بالولادة من طرف الأب أو الأم.
 و الخالة، و هي كالعمّة ، إلا أنها أخت إحدى الأمّهات و لو من طرف الأب
ـ تحرير الوسيلة للإمام الخميني ، المجلّد الثاني، ص 238 
و في الصفحة الخامسة و الأربعين من فتاوى الزواج و عشرة النساء لابن تيمية تحقيق فريد الهنداوي نجد:
إن جميع أقارب الرجل حرام عليه ، إلا بنات أعمامه و أخواله و عمّاته و خالاته.
و أضاف بعض الفقهاء المولودة من العلاقة غير الشرعية إلى جملة المحرمات من النسب ، مستدلين على ذلك بكلمة < و بناتكم > الواردة في الآية المذكورة، و هو مذهب أبي حنيفة و مالك و ابن حنبل.و قد حكي عن الشافعي إباحتها لأنها ليست بنتا شرعية و لا تورث (تفسير القرآن العظيم ، ابن كثير ، ج1 ،ص 469)
< و تشير العديد من كتب التاريخ إلى الإشكال و البلبلة اللذين وقعا في صفوف المسلمين إبان تزوّج النبي من زوجة ابنه بالتبني، زيد بن حارثة، الأمر الذي أدّى إلى ورود مثل هذه الآية لتفصيل التّدرّج العائلي للتحريم و بشكل قانوني فنزلت: و حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم . ( الآية 23 سورة النساء) و أنزلت : و ما جعل أبناءكم أدعياءكم ( الآية 4 سورة الأحزاب) و كذلك : ما كان محمّد أبا أحد من رجالكم( نفس الآية)>
ـ تفسير القرآن الكريم لابن كثير ، ج1 ، ص


mercredi 18 février 2009

نكاح الزنا


نــــكاح الـــــزنا
نكاح آخر من أنكحة  الأيروتيكا العربية قبل و أثناء الإسلام.
فنكاح الزنا الذي نحن بصدده هو نكاح من القاع العربي ، نأتي به في إطاره الطبيعي بين أنكحة العرب التي نحن بصدد دراستها.
و نأتي به كذلك في إطار ردّنا المستمرّ على بلهاء الإيمان الذين عن جهل و قصد يرمون العلمانية و العلمانيين بالفجور و الفاحشة
فلهؤلاء و هؤلاء أقول و قبل الاسترسال في تبيان ماهية نكاح الزنا أحزموا أمتعتكم و تجلدوا فإن بين الحروف المقبلة زلزال في انتظاركم.
أما نكاح الزنا فهو علاقة بين رجل و امرأة لا يرتبطان بعقد زواج، يتمّ فيها الاتصال الجنسي الكامل.
ولقد حرّمه القرآن تحريما صارما في عدّة مواضع:
منها الآية 26 من سورة الفرقان التي يرد فيها قوله:
 و لا يقتلون النفس التي حرّم الله و لا يزنون....
و منها الآية 16 من الممتحنة حيث يقول:
يبايعنك على ألاّ يشركن بالله و لا يزنين...
و كذلك الآية23 من الإسراء التي نجد فيها 
و لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة و ساء سبيلا
ثمّ آية الزنا المشهورة :
الزانية و الزاني فاجلدوا كلّ واجد منهما مائة جلدة(2)الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، و الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك و حرّم ذلك على المؤمنين(3) سورة النور.
و قد تدرّج القرآن في تقرير عقوبة الزنا، تماما كما فعل في الخمر.فكانت العقوبة أول الأمر إيذاء بالتوبيخ و التعنيف:
و اللذان يأتيانها منكم فأذوهما. فإن تابا و أصلحا فأعرضوا عنهما...
(سورة النساء ، الآية16 )
.ثمّ تدرّج من ذلك إلى الحبس في البيوت:
و اللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ، فإن شهدوا فأمسكوهنّ في البيوت حتى يتوفّاهنّ الموت أو يجعل الله لهنّ سبيلا...
(سورة النساء الآية 15)
لينتهي الأمر إلى الرجم استنادا إلى أحاديث منسوبة إلى النبي و إلى آية منسوخة مشكوك فيها تقول:
الشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة
( فقه السّنّة ، السيد سابق ، المجلّد 2 ص 242 ـ 247 )
و مع ذلك فقد حدّد النبي الذي عانى من اتهام أحبّ زوجاته إليه ، عائشة و ماريا القبطية ، بالزنا ، شروطا يستحيل تحقيقها لإثبات التهمة. 
فمن ذلك وجوب وجود أربعة شهود( من الرجال) يكونون قد رأوا الفعل الجنسي بحذافيره، أي دخول ذكر الرجل في فرج المرأة<كالمرود في المكحلة>، أو الرشا ( الحبل) في البئر، (كما جاء في ص 342 من المصدر السابق) . 
و هذا شرط مستحيل تحقيقه إذا أخذنا بالاعتبار السّرّية التّامة التي تحيط بالفعل الجنسي عند الناس الطبيعيين السويين ، و خصوصا إذا كان غير مشروع
 وعلى حدّ تعبير أحد الأعراب الذين استشهدوا على رؤية ذلك ، فقال:
 < و الله ما كنت أرى هذا ولو كنت في جلدة إستها>
و يذهب الخميني في الصفحتين 414 و 415 من المجلد 2 من تحرير الوسيلة ، إلى أن التقبيل و المضاجعة و المعانقة و غير ذلك من الاستمتاعات دون الفرج ليست زنا ، بل تستحقّ التعزير فقط، المنوط بنظر الحاكم...
و عموما فقد تساهل النبي في الزنا تساهلا كبيرا.إذ يروى أنّ رجلا اشتكى إلى النبي قائلا: إنّ امرأتي لا تردّ يد لامس ...فقال له النبي: طلّقها ...فقال : إني أحبها..قال : فاستمتع بها ...(فتاوي الزواج و عشرة النساء ، ابن تيمية ، ص 67).
 و يقال أن الرّسول بعد اتهام زوجته عائشة بالزنا، أنّه أتاها و قال لها : أمّا بعد يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا و كذا ، فإن كنت بريئة فسيبرّئك الله ، و إن كنت ألْـممت بذنب فاستغفري الله و توبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه و تاب ، تاب الله عليه
 ( أنظر تفسير القرآن العظيم، ابن كثير ، ج3 ص270)
فهل رأيتم في العرب رجلا وقف مثل هذا الموقف ، بمثل هذا القدر من التسامح و كبر القلب !!؟
ما أرحمك يا سيدي يا رسول الله و ما أسمحك !!
أما عن عدل خليفته عمر في هذا الباب فسنورد ما ذكره الطبري في الصفحات من 168 إلى 170 من الجزء 3 من تاريخه ( تاريخ الطبري).
فبعد أن ولّى عمر، خليفة العدل، ( المغيرة بن شعبة ) على البصرة، حدث منه ،أو قيل عنه ما يرويه الطبري قائلا:
عن شعيب عن سيف عن محمد و المهلّب و طلحة و عمرو بإسنادهم قالوا كان الذي حدث بين أبي بكرة و المغيرة بن شعبة، أنّ المغيرة كان يناغيه و كان أبو بكرة ينافره عند كلّ ما يكون منه. و كانا بالبصرة . و كانا متجاورين، بينهما طريق.و كانا في مشربتين متقابلتين لهما في داريهما ، في كلّ واحدة منهما كوّة مقابلة الأخرى. فاجتمع إلى أبي بكرة نفر يتحدّثون في مشربته . فهبّت ريح ففتحت باب الكوّة فقام أبو بكرة ليصفقه ،فبصر بالمغيرة و قد فتحت الريح باب كوة مشربته و هو بين رجلي امرأة.فقال للنفر قوموا فانظروا، فقاموا فنظروا، ثم قال اشهدوا، قالوا و من هذه ،قال إنها أمّ جميل ابنة الأفقم. و كانت أم جميل إحدى بني عامر بن صعصعة، و كانت غاشية للمغيرة ، و تغشى الأمراء و الأشراف. و كان بعض النساء يفعلن ذلك في زمانها ، فقالوا إنما رأينا أعجازا و لا ندري ما الوجه، ثمّ إنهم صمّموا حين قامت. فلمّا خرج المغيرة إلى الصلاة حال أبو بكرة بينه و بين الصلاة، و قال لا تصلّ بنا، فكتبوا إلى عمر بذلك ، و تكاتبوا. فبعث عمر إلى أبي موسى فقال ، يا أبا موسى إني مستعملك ، إني أبعثك إلى أرض قد باض بها الشيطان و فرّخ ، فألزم ما تعرف ، و لا تستبدل فيستبدل الله بك،.....، ثمّ خرج أبو موسى فيهم حتى أناخ بالمربد، و بلغ المغيرة أن أبا موسى قد أناخ بالربد فقال و الله ما جاء أبو موسى زائرا و لا تاجرا و لكنه جاء أميرا، فإنهم لفي ذلك إذ جاء أبو موسى حتى دخل عليهم فدفع إليه أبو موسى كتابا من عمر، وإنه لأوجز كتاب كتب به أحد من الناس ، أربع كلمٍ عزل فيها و عاتب و استحتّ و أمر:
<أما بعد، فإنه بلغني نبأ عظيم فبعثت أبا موسى أميرا، فسلّم ما في يديك ، و العجل.>
وكتب إلى أهل البصرة
أمّا بعد فإني قد بعثت أبا موسى أميرا عليكم، ليأخذ لضعيفكم من قويكم ، و ليقاتل بكم عدوّكم، و ليدفع عن ذمّتكم، و ليحصي لكم فيأكم ثم ليقسمه بينكم، و لينقّي لكم طرقكم
و أهدى له المغيرة وليدة من مولدات الطائف تدعى عقيلة ،و قال إني قد رضيتها لك و كانت فارهة ،و ارتحل المغيرة و أبو بكرة و نافع بن كلدة و زياد و شبل بن معبد البجلي حتى قدموا على عمر، فجمع بينهم و بين المغيرة، فقال المغيرة ، سل هؤلاء الأعبد كيف رأوني، مستقبلهم أو مستدبرهم، و كيف رأوا المرأة أو عرفوها ، ، فإن كانوا مستقبلي فكيف لم أستتر؟ و إن كانوا مستدبري فبأي شيء استحلّوا النظر إلي في منزلي، على امرأتي، و الله ما أتيت إلا امرأتي، و كانت شبهها
فبدأ بأبي بكرة فشهد عليه أنه رآه بين رجلي أم جميل و هو يدخله و يخرجه كالميل في المكحلة ، قال كيف رأيتهما، قال ، مستدبرهما، قال فكيف استثبت رأسها ، قال تحاملت.
ثمّ دعا بشبل بن معبد فشهد بمثل ذلك ، فقال استدبرهما أو استقبلهما ، و شهد نافع بمثل شهادة أبي بكرة ، و لم يشهد زياد مثل شهادتهم ، قال رأيته جالسا بين رجلي امرأة ، فرأيت قدمين مخضوبتين تخفقان ، و إستين مكشوفين ، و سمعت حفزانا شديدا ، قال هل رأيت كالميل في المكحلة قال لا، قال فهل تعرف المرأة ، قال لا و لكني أشبهها، قال فتنحّ.
 و أمر بالثلاثة فجلدوا الحدّ ‘ فقال المغيرة أشفني من الأعبد ، فقال أسكت أسكتَ الله نأْمتَك ، أما والله تمّت الشهادة لرجمتك بأحجارك.
و نعم العدل
 و لنا أن نورد هنا معلومة طريفة و هي أن المغيرة بعد ذلك كان أحد قادة معاوية ، و أن زيادا كان أحد قادة علي ، و أنه لمّا توطّد الأمر لمعاوية ، تذكّر المغيرة فضل زياد عليه حين تلجلج في الشهادة ، فتوسّط له لدى معاوية، الذي قبل الوساطة فنسبه إلى أبي سفيان و ولاه البصرة ، ثمّ أضاف إليه الكوفة، و ذكر عنه التاريخ ما ذكر، من القسوة و البطش و الإرهاب
أبوقثم