jeudi 10 septembre 2009

هوبيت إنسان جديد


يبدو أن الجدل القائم حول هوية الكائن القزم الذي اكتشفه العلماء في العام2003 في كهف في جزيرة فلوريس الإندونيسية النائية المعزولة لن ينتهي أبدا.فقد اكتشف العلماء أدلة جديدة على أن هذا الكائن الذي أسموه _ هوبيت _ هو إنسان من نوع جديد، و ليس إنسانا حديثا قزما مصابا بداء الصعل أو قصر الرأس ، و هي حالة مرضية معروفة باسم ميكروسيفاليا، و يتسم المصاب به بضمور حجم الرأس ، و قصر القامة فضلا عن درجات مختلفة من التخلف العقلي.

و يعتقد العلماء أن هذا الإنسان الذي لا يتجاوز طوله المتر الواحد و وزنه الثلاثين كيلوغراما كان يجوب جزيرة فلوريس ربّما قبل ثمانية آلاف سنة.

 و دعمت ورقتان علميتان نشرتهما دورية نيتشر ( الطبيعة) الذائعة الصيت في مطلع مايو 2009، فكرة أن هذا الكائن هو نوع جديد كلية من الإنسان

و كان فريق العلماء الذي اكتشف البقايا الأحفورية  للكائن الصغير هوبيت في كهف ليانغ بوا في جزيرة فلوريس، قد أكّد أن الكائنات التي كانت تسكنها تنمي إلى نوع _ هوموفلورينسيانسيس _ ، و هو نوع منفصل عن جنس الإنسان المعاصر _ هوموسابيانس _ أي الإنسان العاقل

و قالوا إن هوبيت ينحدر من نوع إنساني كان يعيش في عصر ما قبل التاريخ ، ربما نوع _هومو إريكتيوس_ أي الإنسان ذو القامة المنتصبة.و هو سلف الإنسان الحالي الذي وصل إلى الجزيرة في جنوب شرق آسيا قبل أكثر من مليون سنة.

و وصف العلماء دماغ هوبيت بأنه فريد في السلالات البشرية، و كذلك أسنانه و الحوض و الساعدين. و أوضحت المؤشرات أنه كان قادرا على القيام بتصرّفات معقدة، مثل صنع أدوات غير بسيطة و أخرى للصيد مثلما كشفت الأشياء التي عثر عليها في الكهف إلى جانب العظام.

و ذهب العلماء الذين اكتشفوه، و أيدهم في ذلك علماء عديدون ،إلى أنه مع مرور السنين تطورت أجسام قاطني الجزيرة على الأغلب لتكون أصغر في الحجم، عبر عملية انتخاب طبيعي يسميها العلماء التقزّم الجزري . و تعني هذه الظاهرة أن المخلوقات التي تعيش معزولة على جزر تتجه في تطورها لأن تصير أصغر حجما لتتكيف مع الموارد الغذائية المحدودة

 و مع ذلك يزعم علماء آخرون أن هذا لا يمكن أن ينطبق على دماغ هوبيت القريب من دماغ الشمبانزي و الذي لا يتجاوز حجمه 400 سنتمتر مكعب ، و هو ثلث حجم دماغ الإنسان الحديث

 

نظرية المرض

 

غير أنهم يقولون إن هذا يبقى لغزا ، لأن سكان الجزيرة تمكنوا من صنع أدوات حجرية معقدة .

و قد ذهبوا إلى أن هوبيت على الأرجح كان جزءا من مجموعة ينتمي أفرادها إلى الإنسان المعاصر ، لكن مع رؤوس صغيرة بشكل غير اعتيادي

و قد قام فريق من علماء جامعة ستوني بروك في الولايات المتحدة بقيادة البروفسور ويليام جنجرز بتحليل قدم هوبيت

و قد وجد هؤلاء العلماء أن قدم هوبيت كانت إنسانية جدا و على نحو لا يصدق.فقد كان إصبع القدم الكبير مصطفا بالتساوي مع  الأصابع الأخرى، و المفاصل جعلت من الممكن تمدد الأصابع مع تحميل كامل وزن الجسم على القدم، و هي خواص غير موجودة في القردة العليا.

لكنها في نواح أخرى كانت بدائية على نحو لا يصدق. فهي أطول جدا من مثيلتها عند الإنسان الحديث و مزودة بإصبع القدم الكبير صغير جدّا ، و أصابع قدم طويلة و مقوسة، و آلية تحمل الوزن، تشبه مثيلتها عند الشمبانزي

لذا فما لم تكن الكائنات التي سكنت جزيرة فلورينسيس قد تطورت على نحو أصبحت به أكثر بدائية مع مرور الأيام ، و هو سيناريو بعيد الاحتمال للغاية ، فإنها بالتأكيد تفرعت عن خط التطور الإنساني في تاريخ أبكر بكثير

و في دراسة أخرى قامت إليانور و يستن و أدريان ليستر من متحف التاريخ الطبيعي في لندن ، بدراسة أحافير عدة أنواع من أفراس النهر القديمة. ثم قارنوا تلك الأحافير التي عثروا عليها في جزيرة مدغشقر مع أسلافها التي تطورت في داخل القارة

و تقول البروفيسورة ويستن عالمة الأحافير في المتحف : يمكن أن تكون جمجمة إنسان فلوريسنسيس جمجمة إنسان من نوع هومو إريكتوس تقزّم نتيجة لاعتياشه على الجزيرة، بدلا من كونه إنسانا غير طبيعي، أو نوعا تطور على نحو منفصل.

و تضيف العالمة ويستن : أنظروا إلى أفراس النهر القزمة في مدغشقر ، التي تملك أدمغة صغيرة الحجم جدا مقارنة بأنواع أفراس النهر الأخرى. و هو ما يمكن أن يكون قد حدث بالضبط لإنسان فلوريسنسيس ، أي أصبح هكذا بسبب انعزاله على الجزيرة



 و كانت دراسات سابقة قد استبعدت أن يكون هوبيت إنسانا عاديا مصابا بداء الصعل.فقد قام فريق من العلماء ، تقوده البروفيسورة دين فولك أستاذة علم أعصاب الحقب البيولوجية القديمة في جامعة ولاية فلوريدا، بمقارنة نماذج كمبيوترية ثلاثية الأبعاد لمجموعتين تضم الأولى عشرة أدمغة لبشر معاصرين أصحاء ، بينما ضمت الثانية عشرة أدمغة لبشر معاصرين مصابين بداء الصعل

و تقول فولك: هل هناك أي شيء غير حجم الدماغ يفصل بين هاتين  المجموعتين؟

و قد وجد الباحثون أن الإجابة هي نعم . فقد اكتشفوا أن هناك نسبتين مأخوذتين من قياسات الجماجم يمكن استخدامها للتمييز بدقة تصل إلى مائة في المائة بين البشر العاديين و أقرانهم المصابين بالصعل

و على سبيل المثال جاءت قسمة المسافة بين مقدمة الفصّ الجبهي و نهاية الفص المخيخي في الدماغ، على المسافة بين مقدمة الفص الجبهي و نهاية المخيخ بنسبة تكشف مدى نتوء المخيخ من مؤخرة الدماغ

و تقول فولك : عند البشر المصابين بمرض الصعل ينزع المخيخ إلى البروز إلى الخارج أكثر من البشر العاديين

أما النسبة الثانية التي اكتشف العلماء أنه يمكن استخدامها للتمييز بين البشر العاديين و أقرانهم المصابين بداء الصعل فهي مدى اتساع الفصين الجبهيين في كل من الجمجمتين

و بعد ذلك قام فريق فولك بتطبيق هذه النسب على نموذج كمبيوتري ثلاثي الأبعاد لجمجمة هوبيت. و قد وجد العلماء أن سمات هوبيت أقرب إلى جمجمة الإنسان العادي منها إلى جمجمة المصابين بالصعل

و تقول فولك : أعتقد أننا أجبنا على تساؤلات هؤلاء الذين أصروا على أن هوبيت ليس سوى إنسان مصاب بالصعل..

و من أجل التأكد من النتائج قام فريق العلماء أيضا بتحليل جمجمة إنسان قزم يبلغ طوله مثل هوبيت نحو متر تقريبا، لكنه ليس مصابا بالصعل ، و قد وجد التحليل أن جمجمة الإنسان القزم تشبه تماما البشر العاديين

رنا مأمون نجيب ـ العربي

اقتباس : أبو قثم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire