vendredi 21 août 2009

الحياة الاجتماعية الإسلامية ج 17






السِّحـــاق و المساحقات

السّحاق و السُّحق و التساحق،هو أن تأتي المرأة امرأة أخرى فتساحقها أي تنكحها. فالناكحة في هذه الحال مساحِقة و يدعونها السّحّاقة كصيغة مبالغة من سحق يسحق، و أما المنكوحة المفعول بها، فيسمونها السِّحاقية.والفعل من هذا الأمر هو السِّحاق، مصدر سحق يسحق سحقا و سحاقا و سحوقا.

فالسّحّاقة الناكحة ، بعد أن تنام السِّحاقية المنكوحة على ظهرها ، و ترفعَ فخذها الواحد و ساقها، و تضمَّ الآخر ، و تُفرجَ عن فرجها؛ تأتي فتحتضن الفخذ المرفوع ، و تضع أحد شفريها على شفري المنكوحة ، و تحكّ ذاهبة و جائية في طول البدن ، سفلا و علوا و لذلك يقول التيفاشي يشبهونه بسحق الزعفران ، لأن الزعفران كذلك يسحق على هذا المنال.

و عليه فالاسم، كما ترى ، عربي ؛ و الفعل عربي؛ و البيئة عربية ؛ و بالتالي فالدّاء عربي , فلا مدعاة بعده ، لرمي اللوم و الاتهامات في هذا الفجور على العلمانية و الإلحاد . فربّكم يقول : يأيها الذين آمنوا إذا جاءكم فاسق بنبإ قتبينوا. و أنتم ما تبيّنتم! و لا أنتم تريدون أن تتبينوا. فما دام الاسم السّحاق اسما عربيا، ذو جذور جدّ عربية ، فهذا يعني أنّ الظاهرة ،ظاهرةَ الشذوذ هذه ، كانت تشغل حيّزا مهما في الواقع الاجتماعي العربي .لذا فازت لها باسم عربي أصيل . وليست كالسندس و الأباريق و الإستبرق الوافدة على البيئة العربية ،فهذه لم تعط أسماء عربية بل احتفظ لها بأسمائها الأصلية.

و لسنا ننكر أن الإسلام قد منع هذه الظاهرة ، إلا أنه لم يستطع لها علاجا ، لأنه من عجزه اعتبرها جريمة ، رغم أنه وضع لها حدودا مخفّفة لا تتجاوز الحبس في البيوت (دواء أقبح من الدّاء) شرط توفّر أربعة شهداء كما في الزنا ، باعتباره نكاحا دون إيلاج.،و هذا ما يجعل الحدود في كلتي الحالتين لا تقام أبدا.

تقول الآية الخامسة عشر من النساء

و اللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعة منكم، فإن شهدوا فأمسكوهنّ في البيوت حتّى يتوفّاهنّ الموت ، أو يجعل الله لهنّ سبيلا

و هذا يشير فيما يشير إليه ، إلى أن السّحاق كان معروفا، عند الأرستقراطية العربية على الأقلّ، إلاّ أنه ما لبث أن استفحل أمره ، و شاع إلى درجة إشهاره و التفاخر به في العصور الإسلامية الموالية

فيقال أن هند ابنة النعمان بن المنذر كانت قد أحبّت زرقاء اليمامة و ساحقتها في قصور المناذرة قبل الإسلام ، محرزة قصب السبق في هذا المضمار

إلا أنه، و بعد ظهور الإسلام ، أصبح لهذا الفنّ صنّاع و نجوم و مشايخ و علماء . فغدا السّحاق أدبا و فنّا و صناعة راقية لا يأتيها إلا ألباء العصور.فحفلت الدواوين و كتب الأطباء و الحكماء و أسفار الفقهاء و مشايخ الإسلام بالمحاضرات في شأنه ، و دراسات أنواعه و ضروبه و أسبابه و مسبباته

حكي عن ابن ماسويه أنه قال

قرأت في الكتب القديمة أنّ السّحق يتولّد من تغذي المرضعة الكرفس و الجرجير و الحندقوق ، فإنها إذا أكثرت منه و أرضعت ، صار عاديةُ (أي ضرر) ذلك إلى شفري المولودة. فتتولّد هناك الحكّة ، و هذا الدّاء هو بغاء النساء،لأنه حكة تعرض في شرج الرجل. و يضيف ، قائلا: و ربما كان السّحاق عادة من الولع باستعمال الجواري لذلك في صغرهنّ ، حتى يبلغن عليه ، فيبقين يشتهينه ،( و كأن الحرائر لا يتساحقن). كما أن البغاء أيضا يكون في مثل هذا الحال ، و ما كان من السّحاق تولّد فهو سريع الزوال سهل الانتقال، و ما كان خلقة فهو عَسِرُ البُرْءِ و بعيد القبول للعلاج.

هذا مثال للمحاولات البئيسة لأهل العلم المسلمين لمعرفة هذا الدّاء و الإلمام به ، على أنّ هناك أقوالا أكثر موضوعية و معقولية في هذا الباب

فالتيفاشي يحكي عن بعض حكماء عصره أن السحق أو السّحاق شهوة طبيعية ، تكون بين الشفرين منعكسة كالدمل المتقلب ، تتولد منه بخارات تتكاثف فتتولّد حرارة و حكّة في أصول شعر الشُّفرين، فلا ينحل و لا يبرد إلا بالدلك و الإنزال عليها من امرأة أخرى. فإذا كان ذلك بردت تلك الحكّة و انطفأت ، لأنّ ماء المرأة ، الذي يكون من السحق،بارد. و الذي يخرج من الرجل حارّ، فلهذا لا تنتفع إلا بماء المرأة الذي لا يخرج إلا بالسحق.

و يضيف شيخنا

و اعلم أنّ هذا الأمر مبنيّ عند أربابه على الظرف، و بهذا الاسم يسمّون ، يعني أنهنّ يسمّين أنفسهنّ : الظراف. فإذا قلن فلانة ظريفة عُلم بينهنّ أنها سحّاقة. و هنّ يتعاشقن كما يتعاشق الرجال، بل أشدّ. و تنفق إحداهنّ على الأخرى كما ينفق الرجل على عشيقته ، بل أكثر أضعافا مضاعفة حتى يبلغن فيه، على الإنفاق ، الألوف و المئين.

ثمّ يستطرد قائلا

و لقد شاهدت امرأة منهن بالمغرب ، كان لها مال كثير و عقار واسع،فأنفقت على عشيقتها المال الناضر. فلمّا فرغ و أكثر الناس عليها من العتب و الملامة ، سوّغت لها جميع العقار فحصلت على نحو خمسة آلاف دينار

و من أشهر عظيمات السّحاق في الإسلام، حبّى المدنيّة. لقد كانت من أكبر السّحّاقات. حكيّ عنها أنها قالت لابنتها: عليك بصحة الشخير عند الرهز ، و اعلمي أني نخرت بالبادية نخرة أجفلت منها جمال عثمان بن عفّان ، رضي الله عنه ، فلم تجتمع إلى الآن.

أمّا وردة السحّاقة فهذه كانت أبرع متكلمة في السّحاق و فنونه و آدابه

تقول وردة السّحّاقة:

نحن معاشر السّحّاقات تُجمَع الواحدة منّا مع الناعمة البيضاء، الغنجة،الغضّة، البضّة الثيب كأنها قضيب الخيزران ، بثغر كالأقحوان، و ذوائب كالأرنباني ( الأرنبان هو القزّ الأدكن) ، وخدّ كشقائق النعمان و تفاح لبنان، و ثدي كالرّمّان،و بطن بأربعة أعكان، ( العكن هو الثنية الواحدة من جلد البطن) ، و كسّ كامن فيه النيران، بشفرين أغلظ من شفتي بقرة بني إسرائيل، و حدبة كأنها سنام ناقة ثمود ، و وطأ كأنه آلية كبش إسماعيل ، في لون العاج ، و لين الديباج، محلوق مخلّق ( متطيب بطيب يسمونه الخلوق و يستخلصون أكثر عناصره من الزعفران)، مضمّخ بالمسك و الزعفران ، كأنه كسرى أنو شروان وسط الإيوان، بالأصداغ المزرفنة ( المخرّصة في شكل حلقات صغيرة و ألأصداغ هي خصلات الشعر) . و النحور المزينة بالدّرّ و الياقوت و الغلائل اليمنية و المعاجر المصرية ( أثواب تشد على رؤوس النساء و مفردها مِعجر). فنخلوا بهنّ بمعاتبات شجية ، و نغمة عدنية ، و جفون ساحرة ، سالبة أتامور القلب، ثمّ إذا تطابقنا بالصدور على الصدور ، و انضمت النحور على النحور، و تراكبت الشفران على الشفرين، و اختلج كلّ منهما على الآخر، حتى إذا تعالت الأنفاس ، و تشاغلت الحواسّ ، و ارتفعت الحرارة عن الرأس ، و بطل عند ذلك كلّ قياس، نظرت إلى الحركات الحسّيّة و الضمائر الوهميّة، و الصنائع الغريزية ، و الأخلاق العشقية ، بين مصّ و قرص ، و رهز و نهز ، و شهيق و خفيق ، و شخير و خرير ، و نخير لو سمعه أهل ملطية لصاحوا: النفير! مع رفع و وضع ، و غمز و لمز ، و ضمّ و شمّ و التزام، و قُبَل و طيْب عمل ،و انقلاب حرف من غير قلق.

كلّ ذلك بأدب ملوكيّ، و أنين زاكي، حتى إذا حان الفراغ ، و خفّ المصاغ ، شممتَ كنسيم الأنوار في آذار،و روائح الرّاح في حانوت خمّار، و نظرتَ إلى اهتزاز غصن البان من الأمطار. فلو نظرت الفلاسفة إلى ما نحن فيه لحاروا ، و أرباب اللهو و الطرب لطاروا..

و ما دامت الابتسامة قد علت صفحة وجه قارئنا المحترم ، فإني سأكون أسعد لو قبل صحبني إلى قرافات مصر حيث يحكي التيفاشي عن بعض الأدباء بدمشق أنه قال:


أخبرني قاضي من قضاة المصريين و أكابر أهلها المتصدرين ،قال:

خرجت ذات ليلة إلى القرافة ، و هذا الموضع هو مقبرة أهل الديار المصرية و فيه يجتمعون مع صديقاتهم من النساء لأنه موضع الجبّانات ، تجتمع إليه النساء في كلّ أسبوع فلا يحرج عليهن في ملازمته و المبيت فيه ، و مبني فيه مساكن يُنفق عليها نفقات صالحة.

قال: فاتفق أن خرجت من منزلي بنيّة المبيت فيه مع أهلي و قدمت الفراش بما احتاج إليه من فرش و طعام و علف الدّابة و غير ذلك. و غلقت باب داري و تقدّم الغلام بمصباحه و سرت وحدي راكبا على بغل و قد ضاق الوقت ، فوصلت إلى القرافة بعد المغرب عند اختلاط الظلام. فبينما أنا أسير بين الجبّانات في موضع منقطع بطرف من أطراف القرافة حتى سمعت في تربة من التّرَب شخيرا و نخيرا و شهيقا يسلب العقول و يأخذ بمجامع القلوب، لم أسمع قط بمثله و لا ظننت أن أحدا يفعله.، بحركات موزونة و نغمات مطبوعة و ألفاظ مسجوعة ينسى لها نغمات الأوتار و تستخفي لديها ريّات المزمار.

فسقت دابّتي إلى حائط التربة ثم تطاولت و أشرفت و إذا بامرأتين، السفلى جارية تركيّة تُخجل البدر كمالا و الغصن اعتدالا ، بيضاء غضة، ناهد. و عليها امرأة نصيفة بدينة ، حسنة ، نظيفة الزيّ، شكلة، إلا أنها ليست كالسفلى ، و هي تساحقها و تطارحها ذلك الكلام. و السفلى تجيبها جواب مقصّر كأنها متعلمة لها.

فلما رأيت ذلك لم أتمالك أن صرخت عليهما و قلت: قوما لعنكما الله، و سقت نحو باب التربة بنيّة أن أقفل عليهما ثمّ أستدعي بعض المارين يؤدبهما. فلما صرت عند الباب قامت العليا و همّت السفلى بالقيام فقالت لها

مكانك كما أنت

فبقيت مستلقية على ظهرها ثمّ كشفت عن بطنها و سرّتها و صدرها ثوبا أزرق كان عليها، فبان لها صدر كالمرمر و نهدان كالرمانتين و بطن كأنه عرمة ثلج فيه سرّة كمُدهن بلور إلى حر راب ، أبيض ، مشرّب بحمرة لم أشاهد قط عظمه و لا نقاه، ثم قالت لي :

ويحك يا وحش يا ثقيل ، رأيت قطّ مثل هذا؟

فقلت لها

لا والله

فقالت لي

فدونك غنيمة نادرة هيأها الله لك ، و انصرف بحال سبيلك

قال القاضي

فلما شاهدت ذلك و سمعته سلب مني العقل و الدين و لم أملك نفسي، فقلت لها:

ويحك معي هذا البغل. قالت : فأنا أمسكه

قال : فنزلت ، و يشهد الله أني خالفت سجيّتي في ذلك ، ثم دفعت لها عنان البغل و السوط و دخلت التربة ، فحللت عقَد الرايات و ألقيتها على ساقي ثمّ حللت السراويل و ألقيت طرف الطيلسان من وراء كتفي و أدخلت يدي فشلت ذيولي و قربت من الجارية فانحنيت عليها ، و عندما أفضيت برأس ذكري إلى شفري فرجها و وجدت نعومته و حرارته لم أشعر إلا بحوافر البغل غاديا و المرأة تصرخ و تقول: أفلت البغل .، فقمت و أنا واله العقل و خرجت فإذا البغل غاد بين الجبّانات في اختلاط الظلام ، لا أعلم أن غاب عن بصري حيث ذهب .فعدوت وراءه و أنا على تلك الحالة ، منعظ الذكر ، محلول السراويل ، ملقى الرايات على وجوه أقدامي ، مختلّ الطيلسان ، أقوم مرة و أقع أخرى.

و بقي البغل غاديا و أنا غاد وراءه.و إن الملعونة لمّا أفلتته ضربته بالسوط في خاصرته فصار البغل يدنو و يرمح من يدنو منه. فلما ذهبت خلفه و أنا على حالة لو صوّرت في ورقة لكان شكلها يضحك الثكلان و يستوقف العجلان ، فكيف و ذلك حقيقة:

و اتفق أن البغل قد جاوز وقت عليقه ، و كان أهدى لطريق المدينة من القطاة، فلم يزل يعدو و أنا أعدو خلفه لئلا يفوتني شخصه فيذهب عنّي في الظلام أو يلقاه أحد فيركبه، فلا أبصر إلا الغبار. و لقيت الناس فرأوني على تلك الحالة ، يخاطبوني فلا أعقل ، و أكبر ذلك ما تمّ عليّ من تلاهي المرأة الفاجرة. و كنت عندما عدوت وراء البغل سمعت ضحكها ورائي و هي تصرخ بي و تقول:

ارجع يا قاضي ، تعال ! أين أنت رائح؟

و الأخرى تضحك و أنا ذاهب على وجهي

فلم يقف البغل حتى وضع رأسه في باب الدار . و قد لقيني خلق كثير على تلك الصورة، منهم من يعرفني و منهم من لا يعرفني.

فما رأيك سيدي القارئ في ما يرمون به العلمانية و الإلحاد من فجور و بغاء؟

و هل ما أضحكك الآن فجور أم هو الورع و التقوى ؟

ثمّ، سيدي أعزك رب هؤلاء المسلمين ، هل كانت هؤلاء النسوة اللواتي تناولتهن بالحديث علمانيات فاجرات أو ملحدات متبرجات ؟؟؟؟ أم تُراهنّ كنّ مسلمات فاجرات متبرجات و متخذات خليلات و أخذانا؟؟؟.

عجبي من أولئك الذين يصعدون أعواد المنابر و يتصدرون صور القنوات ،فيسفهون المجتمعات المسلمة و يرمون الناس بالجهل متناسين أنهم أولا أفراد من تلك المجتمعات السفيهة الجاهلة، و أنهم ثانيا المسؤولون الرئيسيون على كل يعتري تلك المجتمعات من مظاهر التخلف و البطالة و الجهالة و ينسون ، ثالثا، أن إسلامهم هو أسّ الفساد في الأرض و شريعته.

لقد استطاعت العلمانية بمدارسها و مدنيتها أن تنجح في تنقية المجتمعات المسلمة من كثير من الشوائب الإسلامية مثل السحاق ، الذي أصبح اليوم منحصرا في المنازل و البيوتات المتدينة و المتزمتة

أبو قثم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire