lundi 31 mai 2010

محمد المصلح

ملحدي الأعزاء انفلقوا.
ملحدي الغر الميامين حطّموا رؤوسكم ، و صكّوا آذانكم ، وتخلّصوا من عقولكم
فالإسلام دين إصلاح اجتماعي و تقدم و ازدهار، و محمد رجل مصلح ثوري انتشل العالم بنظريته الاجتماعية و الاقتصادية من دياجير الفقر و الهشاشة و ارتقى بها مراقي التقدم و الازدهار و الرفاهية و السمو الإنساني.فقد أوجز "بندلي جوزي" نظريات بعض المستشرقين من طينته في قوله:
" إن القول بأن الإسلام فكرة دينية محضة و أن ظهوره و تغلبه على و ثنية العرب و انتشاره السريع بين أكثر أمم الشرق، و فتوحات الخلفاء الراشدين و بني أمية الواسعة، ترجع إلى الحماسة الدينية أو التعصب الديني، يعدّ اليوم قولا جزافا بعيدا عما أثبتته الأبحاث التاريخية و الاقتصادية، كأبحاث الأستاذ فلهوزن و الأمير كايتاني و الأستاذ لامنس و نولدكه وعضو أكاديمية بطرسبرج بارتولد و غيرهم. فقد أصبح من المقرّر أن الإسلام كغيره من الأديان الكبيرة ليس فقط فكرة دينية بل مسألة اقتصادية و اجتماعية أيضا، أو بالأحرى هو مسألة اقتصادية و اجتماعية أكثر منه فكرة دينية. قال كايتاني: إن الإسلام لم يكن فيه دينيا إلا الظاهر، أما الجوهر فإنه كان سياسيا و اقتصاديا"
بندلي جوزيـ تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام ـ ص117
فالإسلام إذن مسألة اقتصادية و اجتماعية و سياسية،مع إغفال الناحية الثقافية و الوجدانية، دعت إليه ظروف فساد و تصدّع اجتماعي ناتج عن الفقر و الحاجة و التخلف المستشري في المجتمع القرشي.
فلئن كانت الأوضاع بمكة بالسوء الذي يومئ إليه المستشرقون و جلّ الباحثين الذاهبين مذهبهم،من فقر و فاقة و عوز و احتياج ، فما بالهم يغضون الطرف عما كانت تحفل به مكة من تجارات و خيرات؟؟؟لقد تربعت مكة على عرش التجارة العالمية قرنين من الزمن قبل مجيء الإسلام. فكانت مكة تعقد الصفقات مع الروم و الحبشة و الساسان.و التجارة ،أي بندلي، ليست بيعا و شراء فحسب ،إنما التجارة أعمال و حرف و صنائع و حمل و نقل. والتجارة معرفة و مكاتبة و محاسبة و مساجلة و تعارف و مصالح، كما أن التجارة فوق هذا وذاك عادات مكتسبة و تقاليد وثقافة.إنها باختصار نمط عيش متميز يمتاز بتواجد ثلاث طبقات اجتماعية، طبقة غنية مستفيدة من الوضع و طبقة فقيرة مطحونة و بينهما طبقة متوسطة. فأين من هؤلاء البحاث هاتين الطبقتين؟؟ما بالهم يصفون مكة بالفقر المدقع و يغضون الطرف عما تعيشه مكة من ترف و بذخ و ازدهار و تقدم اقتصادي على جميع الأصعدة؟؟.لمّا هبت ريح التجارة على مكة منتصف القرن الخامس ، انتشر فيها البناء و العمران بعد أن كانت تعبد أربعة جدران و تلتحف الخيام ، فأصبحت لكل قرشي كعبة تؤويه و تستر بنيه. لمّا هبت ريح التجارة على مكة عرفت مكة البيع و الشراء و الأدب و الخلق الحسن و المعاملة المهذبة ، و انتشرت فيها الفنادق و الأوراش و المصانع و الحرف البسيطة و المعقدة.و جاءتها العلوم و المعارف و التقنيات و الوسائل من كل بقاع المعمور،من فارس و اليونان و ما بين النهرين و مصر و اليمن و سوريا و الحبشة. أ ليس كل هذا كان كفيلا بخلق طبقة متوسطة من عمال و تجار صغار و حمالين و خفاري القوافل و صناع و حرفيين.فإذا كان الوضع،فعلا، بالسوء الذي يصفه أهل الأخبار و السير و هؤلاء المستشرقون، فإنه يحق لنا أن نتساءل كيف لمجتمع يحتكر التجارة العالمية أن يكون فقيرا؟؟؟و لماذا لم تنشأ في مكة طبقة متوسطة اطرادا مع التقدم الاقتصادي الطبيعي الناتج عن تضخم النشاط التجاري؟؟؟ ثم ما هو نوع الإصلاح الذي سيتطلبه مجتمع تجاري مثل هذا الذي نتحدث عنه؟؟؟
إن إصلاح مجتمع تجاري غني مثل مجتمع مكة في القرنين الخامس و السادس سيتطلب العمل على التقريب بين طبقاته بخلق و توسيع وعاء الطبقة المتوسطة على حساب الطبقة الفقيرة ، و ذلك بإنشاء مشاريع تنموية موازية للنشاط التجاري الرئيسي ، من شأنها خلق فرص جديدة للشغل و محاربة الهشاشة الاجتماعية التي تؤدي إلى الاعتفاد، و تعميم المساواة و العدالة الاجتماعية بإنشاء سلك قضائي نزيه، و توفير البنية التحتية و الرعاية الصحية و شق الطرق و إنشاء المرافق العمومية طلبا لتنويع سبل الاستثمار.
فإذا كان محمد مصلحا اجتماعيا فهل حقق(ص) شيئا من هذا القبيل؟؟
هل قرب محمد بين طبقتي المجتمع المكي الأغنياء و الفقراء؟؟ هل حارب محمد الهشاشة الاجتماعية و وفّر فرص الشغل و الاستثمار؟لماذا استفحل الفقر بمكة بعد ظهور محمد؟؟؟و لماذا يستفحل الفقر بكل أرض يصيبها الإسلام برذاذه؟؟ فالمصلح الاجتماعي هو من أتى مجتمعه بما من شأنه أن يغيره من مجتمع استهلاكي فقير إلى مجتمع إنتاجي غني مسئول .فهل يا ترى هذا ما حققه محمد؟؟أم العكس هو الذي حصل؟؟؟؟ثم متى كان التقدم و الازدهار من أهداف الرسالة المحمدية؟؟إنما الرسالة المحمدية دعوة إلى الزهد في ملذات الحياة ، تجعل الأموال و الأولاد فتنة، و تحرم العمل في غير ما أمر الله به.فالصنائع في الإسلام مكروهة و التجارة حرام و تنمية الأموال رذيلة و محاربة الفقر كفر و تدخل في مشيئة الله. فهل مثل هذه المبادئ تخلق إصلاحا اجتماعيا و اقتصاديا؟؟ يقولون بأن الإسلام قد حارب الطبقية و حقق المساواة بين أفراد مجتمعه الإسلامي!! أي نعم، سيدي بندلي و من يسبح في فلكه،لقد حارب محمد طبقة التجار و أجهز عليها و جعل كل أهل قريش فقراء، و أينما مرّ الإسلام تصبح تلك الأرض فقراء بفضل من الله و رسوله و عربه الجائعين. فهل هذا هو الإصلاح الاجتماعي؟؟ أن نحول جميع طبقات المجتمع إلى فقراء و بؤساء و جياع مهاليط متوحشين نغير بهم على القبائل و الدول و الناس الآمنين.؟؟
لقد حارب محمد التجارة التي كانت تشكل عصب الحياة الاقتصادية و ازدهارها ، و صدّ الناس عنها و طعن في التجار و ازدرى أعمالهم و بخس استثمارهم.فقطع الإمدادات التجارية، و ترصد القوافل، و عطل الطرق.فكانت حركته ضربة قاسية أودت بتجارة قريش، و أدخلت الأمم المجاورة في متاهات من العنف و الفوضى حتى دب إليها الوهن و عمتها القلاقل الاجتماعية مما جعلها لقمة سائغة أمام زحف جحافل صعاليكه و جياعه ، و بالخصوص الساسان و بلدان الشام الذين اعتمدوا على قريش في تموين تجارتهم الداخلية. ففي إطار حربة العشواء على التجار أخرج ابن حنبل في الصفحة 428 من جزئه الثالث و ابن هشام في الصفحة 257 من سيرته و اليعقوبي في الصفحة 16 من الجزء الثاني من تاريخه أن النبي (ص) قال :التجار هم الفجار. أما الترمذي في باب البيوع من سننه و كذا ابن ماجة في باب التجارات من سننه و ابن حنبل في الجزء الثالث من مسنده، الصفحات 428...444 فيروون عنه أنه قال(ص): إن التجار يبعثون يوم القيامة فجّارا.و كان(ص) يدعو على التاجر قائلا: لا أربح الله تجارتك(سنن الترمذي ، باب البيوع، 75ـالدارمي ، باب الصلاة ، 118) كما كان (ص) يهدد و يتوعد كل من لا يحفل بدعواه و يتمادى في أنشطته التجارية قائلا: لأقطعنّ متجرك بالشام (صحيح البخاري ، باب المناقب، 25 ـ مسند ابن حنبل 1/400)
فهل تعتبر محاربة مهنة التجارة من الإصلاح الاجتماعي؟ و هل هذه مواقف من يريد إصلاح مجتمع يقولون أنه كان فقيرا و متصدعا؟؟؟؟و لم يكتف (ص) بهذا بل ذهب إلى ما أبعد منه بأن حبّب الفقر إلى النفوس ، و جعل منه قيمة إنسانية عليا و مبدأ أسمى.فجعل الفوز و النجاح و النصر و السؤدد حليف الفقير و الصعلوك و ذي المتربة .فقد أخرج الترمذي في الحديث 37 من باب الزهد و كذا ابن حنبل في مسنده(3/96 ـ 2/343) أن النبي المصلح (ص) فال:أبشروا صعاليك المهاجرين بالفوز يوم القيامة على الأغنياء بخمسمائة سنة...هكذا سيدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة سنة يقضيها هؤلاء في النار.و يقول في نفس المعنى صراحة: يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل الأغنياء (ابن حنبل 5/244) و أخرج عنه مسلم و ابن حنبل أنه (ص) قال: إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة (صحيح مسلم ، باب الزهد، 37 ـ ابن حنبل 2/169).أما الترمذي فيروي عنه أنه قال (ص): إن الجنة ستعترض يوم القيامة و هي تقول:يا رب ما لي لا يدخلني إلا فقراء الناس.(البخاري تفسير سورة 50/1)
فهل بعد كل هذه الدعوات من فقير سيسعى في تغيير حالته؟؟ و هل من امرئ سيثابر على أعماله؟؟
ثم إذا ما نظرنا مليا إلى خلاف محمد مع الملأ الأعلى من قريش فإننا سنجد أن هؤلاء لم يكونوا يمانعون في أن تكون لهم دولة يتزعمها و يحكمها محمد.و لا يمانعون في أن يكون محمد عليهم ملكا و رئيسا يبذلون له فروض الطاعة و الولاء. و لكنهم كانوا يشترطون أن تكون دولتهم دولة قانونية تحترم نفسها و توفي بالعهود و لا تتدخل في شؤون الغير، دولةً مدنية تقوم على التجارة و التعاون و تحترم القانون.إلا أن محمدا لم يكن يرغب في دولة مدنية مسالمة وديعة ،بل كان (ص) يريد دولة حرب و عدوان و مجتمعا محاربا مغيرا..ففي حين أضحى المجتمع القرشي مجتمعا متمدنا متحضرا ،جاء محمد يهم إرجاعه إلى سيرته الهمجية الأولى و يقلب نمط عيشه ليجعل منه مجتمعا حربيا توسعيا.و هذا هو جوهر الخلاف بين الملأ الأعلى و محمد.فالملأ الأعلى كان يرفض أن يحول أمواله من الاستثمار التجاري المدرّ للأرباح، إلى الاستثمار الحربي الذي يتجلى في الاهتمام بالمساكين و الشفقة و الرحمة و الإنفاق في إطعام الجياع و مساعدة يتامى الحروب و أرامل المحاربين ، و سدّ عوز المحتاجين و استضافة الصعاليك و الغرباء و أبناء السبيل ، و فرض ما سماه بالصدقة و الحسنة.و كانوا يرفضون الأرباح الغير المضمونة التي يعدهم بها من المغانم الكثيرة و السبايا من بنات بني الأصفر في الدنيا ، و الحور العين كأنهن الياقوت و المرجان في جنة الخلد و الرضوان.
فهل هذا هو الإصلاح الاجتماعي يا بندلي جوزي و يا من يذهب مذهبه؟؟؟هل الإصلاح هو أن تحول المجتمع من مجتمع مدني منتج إلى مجتمع محارب استهلاكي؟؟

أبو قثم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire