jeudi 12 mars 2009

الحياة الإجتماعية ج 10




نـــوادر القوّادين و القوّادات

كما سبق أن تواعدنا عليه ، في الحلقة الثالثة من الحياة الاجتماعية ، من سبٍر لسراديب المجتمع الإسلامي للوقوف على المظاهر الجنسية و الأخلاقية ، التي أفرزها النظام الإسلامي الجنسي  ، بعد أن هدم كل أنظمة النكاح التي كان يطفح بها العصر الأمومي الجاهلي


و من أبرز تلك المظاهر و أشنعها القوادة.
و قد ثبت عن البحاثة الإسلامي شهاب الدّين أبو العباس بن يوسف التيفاشي أن أصناف القوادين إثنان و عشرون صنفا . منها عشرون على الإناث و إثنان على الذّكور ، من النساء عشرة و من الرّجال عشْرة ، و إثنان ليسا هم من الرّجال و لا من النساء . و هما ممازجا الصنفين و هم : الخدّام و المخنّثون.
فأما القوّادون الذين على الإناث ، فهم : الحوش ، ثم حوش الحوش ، ثم المعرّس ، ثمّ السمسار ، ثمّ الدّوّار ، ثم الدَّكْدَفُ ، ثم المرحّل ، فالمسكّن ؛ و كلّهم على القِحاب . و أمّا الذين على الرجال فهما المستعشقود و هو اسم مركب من كلمتين ، و هما العشق و القيادة .( و ذلك أنه يكون لوّاطا فقيرا لا يبلغ  وِسعة  للاتصال بالغلمان الحسان ، و نيل الغرض منهم فيقود عليهم ، قإذا ارتهنوا معه في ذلك و انكشفوا له لم يسعهم مخالفته ، و ربما دبّ عليهم و هم سكارى أو نيام )؛ و صندل . و هو غلام أمرد ، إلاّ أنّه ليس بفأرة(أي مليح حسب معجمهم) و لا نافق ( كاسد) و لا مرغوب فيه لقلّة جودته ، فيقود على الغلمان. فإذا اتفق أن أخلف غلام ميعاد رفيقه ، و قد تجهّز الطّعام و الشّراب و المنزل الخالي و استحكم شَبَقُ اللاّئط و لم يجد أحدا ، ردّ يده على الغلام القوّاد و اكتفى به . ذاك هو صندل عاشر القوادين من الرّجال
و أمّا أنواع القوّادات فهن 
المريدة ، و الحاجيّة (بمعنى الحاجبة) ، و المتصرّفة ، و الدّلاّلة ، و القابلة ، والماشطة ،والحمّامية (صاحبة الحمّام او العاملة فيه) ، و الخافضة ( أي من تقوم بخثان النساء) ، و الطُّرُقيّة ( العرّافة) ، و الحجّامة ( محترِفة الحِجامة). 

على أن نتوجّه الآن إلى السراديب حيث نلتقي بكل هذه الأصناف متعاملة في المجتمع
 المحمدي,
 
جاء في غريب الحديث عن رسول الله (ص) : لا يدخل الجنّة صقّار. و هو القوّاد
و عنه (ص) إن الله غرس الفردوس بيده و قال : و عزّتي و جلالي لا يدخل مدمن خمر و لا دَيّوث
و عنه (ص) لا يدخل الجنّة دَيّوث و لا يقبل الله من الصقور يوم القيامة صرفا و لا عدلا..
و جاء في غريب الحديث عن رسول الله (ص) :إن الله غرس الفردوس بيده و قال : و عزّتي و جلالي لا يدخل الجنّة ديّوث و لا يقبل الله من الصّقور يوم القيامة صرفا و لا عدلا...
و عنه (ص) : لا يدخل الجنّة القُنْدُع . و هو القوّاد
و من أسماء المرأة القوّادة التي كانت قبل ذلك بغيّا : الواصلة.
فروي عن عائشة (ض) أنها قالت : ليست الواصلة التي يعنون ، و لا بأس إذا كانت المرأة زعراء أن تصل شعرَها ، و لكن الواصلة أن تكون بغيّا في شبابها ، فإذا يئست وصلته بالقيادة... و أمّا الزعراء فهي قليلة الشعر ، و أمّا الواصلة فقد جاء في لسان العرب لابن منظور أن الواصلة من النساء مَن تصل شعرها بشعر غيرها ، و المستوصلة هي الطالبة لذلك و التي يُفعل بها ذلك . و في الحديث أن النبي ، لعن الواصلة و المستوصلة...
و روي عن عائشة (ض) أنها قالت : ليست الواصلة بالتي تعنون ، و لا بأس أن تعرّي المرأة عن الشعر قتصل قرنا من قرونها بصوف أسود ، و إنما الواصلة التي تكون بغيّا في شبيبتها . فإذا أسنت وصلتها بالقيادة,,
 و من كبار القوّادات: ظُــلْمةِ ، التي تضرِب بها العرب المثل ، فيقولون:
أقود من ظُلْمَــةَ
يقول التيفاشي
و العامّة تذهب بهذا المثل عن غير مذهبه ، فيقولون أقود من الظّلمة يعنون بذلك : الليل،و يضيف : لعمري إن لهذا وجها ، إلا أنّ المثل لم يجئ إلا في المرأة المسمّاة : ظُلمة, أمّا وجه ما يريده النّاس من ذلك أيضا فصحيح، و ذلك إنّ الظّلام يستُرُ المُحبّ في زيارة محبوبه ، و يجمع بينه و بينه لغيبة الرقيب ، فينزل منزلة القوّاد. و كذلك الفجر ، لمّا كان يفضحه أنزلوه منزلة النّمّام... 
و في نفس الصدد
حكي أن أبا الطّيّب المتنبّي لمّا أنشد كافور قصيدته التي مستهلّها:
من الجآذر في زي الأعاريب
فبلغ قوله : 
أزورهم و ظلام الليل يشفع لي
و أنثني و بياض الصّبح يغري بي

حسده جميع الأدباء الحاضرين بمجلس كافور على هذا البيت لما فيه من بديع التقابل، فقالوا : تراه أخذ هذا المعنى من أحد أو هو له ؟ فقال لهم شيخ راوية للشعر، كان يحضر المجلس و لا يكاد يسلم أحد من اعتراضه ؛ يقول الثعالبي في يتيمة الدهر أنه ابن جنّي؛( أجِلّوني ثلاثة أيام ، فأنا آتيكم به )فأجّلوه. فأتاهم فقال: البيت مسروق من مصراع لابن المعتزّ ، صغير العروض ، خامل اللفظ ، و هو قوله من هذا البيت:
لا تَلْقَ إلاّ بليل مَنْ تُواعِدُه
فالشّمسُ نمّامة و الليلُ قَوّادُ

ـ يتيمة الدهر ، الثعالبي ج1 ص115
 
و نرجع لما نحن فيه لنقول:
إن الظّلمة التي يضرب بها العرب المثل في القيادة امرأة من العرب ذكروا أنها كانت صبية في المكتب ، فكانت تسرق دُوِيّ الصّبيان و أقلامهم فلمّا أشبّت زنت ، فلمّا عجزت قادت ، فلمّا قعدت اشترت تيسا فكانت تنزيه في بيتها على العنوز
و حكى المدائني
أن رجلا من عمّال السلطان كان لا يزال يأخذ قوّادة و يسجنها ثمّ يأتيه مَن يشفع فيها فيُخرجُها ، فلمّا كثر ذلك عليه أمر صاحب شرطته فكتب في قصّتها:
 تجمع بين النّساء و الرّجال ، لا يتكلم فيها إلا زان
فإذا أتاه أحد يتكلّم فيها قال : أخرجوا قصّتها ننظر فيم سُجِنَتْ..
فإذا قرئت القصّة قام الشفيع مستحياً
و حكي عن المبرّد:
أنه كان له غلام يقود له على الغلمان ، فقال له ذات يوم بمحضرٍ من الناس: ( إمض فإن رأيتَه فلا تقُلْ ، و إن رأيْتَهُ فقلْ ) . فذهب الغلام ثمّ عاد فقال : (لم أرَهُ فقلتُ له ، فجاء فلم يجئ ) ، فسئل الغلام بعد ذلك عن معنى هذا الكلام فقال: (أنفذني إلى غلام فقال : إن رأيت مولاه فلا تقل له ، فذهبتَ فلمْ أر مولاه فقلت للغلام ، ثمّ جاء مولاه فلم يجئ الغلام

هذه بداية السرداب الإسلامي 
هذه بداية نفق المجتمع الإسلامي 
هذه الصفحة الأولى من القاع الإسلامي التي يسعدنا أن نردّ بها على من يتّهمون الملحدين و الإلحاد بالفجور و الفسوق و عدم الأخلاق
فإلى صفحة أخرى من القاع العربي الإسلامي 

أبو قثم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire