أدب اللواط العربي
و في إطار ردّنا على ما يرمينا به سفهاء الإسلام من الشذوذ الجنسي و الخلاعة و الفساد الأخلاقيين ، سنغوص اليوم في أعفن سراديب المجتمع المسلم ، و سنهبط إلى أنتن غور في قيعانه لنعري على أبشع ما أنتجته البشرية العربية المسلمة من فظاعات أخلاقية و انحطاط إنساني .
ذكر أن أبا نؤاس لمّا ظهر في حداثته و ملأ العيون جمالا و ظَرفا ، و شغِفَ القلوبَ أدبا و لطْفا ، خطبَه جميع شباب البصرة للصحبة و النّزاهة فقال: ( لا أصحب إلا فتى حسيبا ، أديبا ، كريما ، شجاعا ، شاعرا ، عربيا) ، فقيل له : (إن هذه الخصال لم تجتمع إلا في والبة بن الحباب )، فقال لهم : ( أنشدوني شيئا من شعره في النّسيب ) فأنشدوه :
و لــــها و لا ذنــب لـها .... حبّ كأطراف الرّماح
جرحتْ فؤادك بالجــــــــوى .... فالقلب مجروح النّواحي
فقال: ( ما على هذا مزيد في الرّقّة و الحلاوة ، فأنشدوني من شعره في الوصف ) فأنشدوه من هذه القصيدة
ألقى بجـــانب خصــره .... أمضــى من الأجــل المتــاح
و كأنــما ذرُّ الـهبـاء .... عليـــــــــــــه أنفاس الرّياح
فقال ( ما عن هذا مًعْدِلْ
ثمّ سار إليه حتى وصل فسأل عن منزله فدلّ عليه.
و كان لوالبة مجلس شراب يجتمع إليه الفتيان ، لا يمنع عن أحد منهم ، فأتاه واستأذن فأذن له و دخل فوجد والبة سكران نائما ، فقال لجاريته :( هل عندك طعام ؟) قالت : ( نعم ) قال : ( أحضريه ) ، فأحضرت الطعام فأكل . ثمّ قال : ( هل عندك شراب ؟ ) قالت : (نعم )، قال : (هاتيه) ، فأحضرت الشراب و شرب حتى غلبه السّكر و بقي نائما في موضعه . فاستيقظ والبة فرآه و سأل الجارية عنه فأخبرته ، فملئ به عجبا . فاستدعى الطعام فأكل ، و الشراب فشرب و لم يعرض له.
و لم يزل يشرب حتى غلبه السّكر فنام في مكانه. فقام أبو نؤاس فسأل الجارية عن أمر والبة ، و قد رآه نائما في مكانه ،فعرّفته بقيامه و ما كان منه ، فقام و استدعى ماء فغسل وجهه به و استنجى ثمّ رجع إلى مكانه و طلب الطعام و الشراب فأكل و شرب حتى نام مكانه.ثمّ قام والبة ففعل كفعله الأول
فيذكر أنهما أقاما على تلكم الحال أياما ، يأكلان و يشربان و هما في مجلس واحد لا يلتقيان. فلمّا طال ذلك على والبة قال للجارية : ( إذا قام و طلب الطعام فأمطليه به حتى أقوم ) ، فقام أبو نؤاس كعادته و طلب الطعام فقالت له الجارية : ( لم يتهيّأ بعد )، فقال لها : ( إني لأعلم ما تريدين ، فقد قال لك إمطليه بالطعام حتى أقوم ) فقالت له : ( ما أظنك إلا شيطان)
ثمّ قام والبة فسلّم عليه و سأله عن أمره فعرّفه بجميع حاله و إنّه أتاه ليتأدّب عليه. فاستُطير طربا و بعث إلى جماعة من الفتيان كانوا يعاشرونه و صنع لهم طعاما و شرابا.
و لم يزل معه بقية سنته ، ثمّ سأله أن يخرجه إلى البادية ليسمع كلام العرب بها و ينقل عنهم اللغة و يروي من أشعارهم ، ففعل ثم عاد إليه ، و كانت مدّة صحبته له عشرين شهرا.
و يحكى أنه لمّا خلا به أوّل خلوة هابه والبة أن يكلّمه ، و فهم عنه أبو نؤاس ، فأنشده
فيمــا تلاحظــني به .... أمْرٌ تحمحــم دون ذكره
و علــى المحــبّ علامة .... يبــدو بها مكنون سرّه
و أنا المطيع كما يطيــ .... ــع العبد مولى عند أمــره
فادخل بنا بيت المقيل .... و ولّني إسبال سِتْره
فعند ذلك قام إليه والبة و أضجعه و كشف عن إسته فرأى شيئا راعه بياضه و حسنه و نعومته ، فلم يتمالك أن انكب على إسته فقبّلها ، فضرط أبو نؤاس على الفور ضرطة عالية فارتاع والبة ، فظنّ أنه جاهله و باينه ، و وثب على سكّين كانت في بيته فاخترطها ، و أبو نؤاس مضطجع مكانه لم يتغيّر عن موضعه ، فرفع رأسه إليه و قال له : ( لا تفزع ، إنما سمعت الناس يقولون : جزاء من قبّلَ الإستَ ضرطةٍ ، فأحببت أن لا يضيع المثل ) ، فعظم في عين والبة و علم أن سيكون له شأن. و سنذكر لاحقا كيف كانت مفارقته له
و حدّث أبو السّماح ، قال :
قلت لوالبة ، و كنت أرى عنده أبو نؤاس و هو غلام حسن الوجه فيعجبني: ( أنا و الله أشتهي أن أختلي بغلامك ) فقال لي : ( ويحك ، أما تستحي ؟هو غلامي) ، فقلت له: (هو ما قلت لك) ، قال :(فلا تبرح حتى يجيء) ، فجاء أبو نؤاس فقال له والبة :(إنّ أبا السّماح يشتهيك) ، فقال له أبو نؤاس :(جُعلتُ فداك، أتأمرني بحسن التبعّل و تقضي بي حوائج إخوانك؟)
قال أبو السّماح
قلت لوالبة: (ويحك احذر هذا ، فإنّه إن بقي كان داهية )
و حدّث أبو سعيد الجهني ، قال :
كان لي أخ يقال له : بدر ، و كان يتغنّى و يألف الغلمان ، وكان أبو نؤاس معه. ثمّ تنسّك و فارقه أبو نؤاس مدّة. (قال) فحدّثني أخي قال:
رأيت أبا نؤاس ببغداد و معي أولاد لي و هو على برذِوْنٍ أشهب ، فعرفني و لم أعرفه فسلّم عليّ فأنكرته، فقال: ( ويحك يا بدر ! ألا تعرفني؟) فقلت : (لا) ، قال : (أبو نؤاس) ، فسألته عن حاله فقال لي :( من هؤلاء الصبيان الذين معك ؟)، قلت :(أولادي) ، قال:(فلا إله إلا الله ، كاد هؤلاء الصبيان يكونون منّي لو بقيت معك قليلا أؤاجر) ، فقلت : ( اذهب قبّحك الله و قبّح ما جئت به ) ، فقال: ( هو ما قلت )، و مضى و هو يضحك
و حدّث رجل من فتيان البصرة و أدبائها ، قال :
أتى أبا نؤاس ، و هو غلام مليح ، رجل لائط فغمزه ، فقال:(كن أمامي) ، ثمّر لقيه آخر ، فغمزه فقال : (كن من ورائي) ، ثمّ اجتاز عليّ ، و أنا في الطّاق، فغمزته ليصعد فقال :( أصعد و معي اثنان ، و قد سبقك ذانك المتقدّمان)، و أشار إلى الرّجلين فقلت : أتؤاجر بإعراب؟، فقال : ( و هل ينقص الإعرابُ لذّة ؟) فعجبت من إعرابه في تلك الحال
راود رجل من أصحاب الحديث غلاما عن نفسه ، فقال: (ما تعطيني؟ ) ، فقال : ( أستغفرُ لك اللهَ ما دمتَ حيّا ، و أقراُ على قبرك إذا متَّ *
فقال الغلام :( فاقرأ بالعاجل على أيْرِكَ ـ و ردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ـ .)
رجال الأعمال
سأل بعضهم غلاما و شارطه على أنّه إن عمِل بين الفخِدين بدرهم ‘ فإن دخل البيت فبدرهمين، فدخل البيت . فلمّا كان وقت الوزن أعطاه درهما واحدا ، فقال له الغلام :( لا آخذ إلا درهمين) ، قال الرجل : (لا أزيد) ، قال الغلام :(فبيني و بينك القاضي) ، قال :(وما تقول للقاضي؟) ، قال :(السّاعة تسمع)، ثمّ حمله إلى القاضي. فلمّا جلس بين يديه قال الغلام:( أعزّ الله القاضي ، إني أكريت هذا الرّجل حمارا إلى باب المدينة يدرهم ، و إن دخل المدينة فبدرهمين. فدخل المدينة و سار فيها و لم يوفّني حقّي) ، قال الرّجل:( أعزّ الله القاضي، دفع إليّ حمارا لم أضبِطْه ، حملني و دخل في المدينة
قال
ففكّر القاضي ساعة ثمّ قال له: ( زن له درهما و نصف ، فإن خير الأمور أوسطها)
قيل لغلام : ( إنّ مولاك في إضاقة ـ فقر ـ و أنت تلبس مثل هذا اللباس السّريّة ـ الفاخرة ـ فمن أين لك هذا ؟ ) ، فقال ( أ تنكرون هذا و دار الضرب ـ دار سك النقود ـ في سروالي!!؟)
و نظم هذا المعنى ابن الرومي ، فقال :
و مؤاجر عجب الأنامُ، وقد رأوا .... من بعد عسرته. غزارة ماله
فأجبْتهم: مِمَّ التعجّب، كيف لا .... يثرى و دار الضرب في سرواله
و في نفس المعنى يحكى أنه قدم غلام حِمصيّ بغداد فواجَرِ فيها حتّى حسُنت حاله ، و قدم عليه بلدِيٍّ فسأله عن خبره ، فقال : ( يا مولاي ، إستٌ نقيّةٌ ببغداد خير من طاحون بحِمْصَ)
إلى اللقاء مع صور أخرى من قاع المجتمع المحمّدي
أبـــو قـــــثم
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire