غزة – واحةProTrader – العربية نت
وزادت حدة الانتقادات الموجهة للإمام من قبل جماهير الترجي، التي طالبته بالإعتذار، خاصة بعد تكبد ناديها هزيمة ثقيلة على أرضه الأحد الماضي، وانسحابه من مسابقة كأس تونس بعد أن هزمه الاتحاد المنستيري بنتيجة 3-2 في مباراة نصف نهائي المسابقة. وأصدر اتحاد الكرة التونسي الثلاثاء الماضي عقوبة بتغريم وإبعاد مدرب الترجي فوزي البنزرتي ومساعده ماهر الكنزاري مبارتين اثنتين وكذلك تغريم وإبعاد الناصر شوشان مدرب حراس الترجي 3 مباريات "بسبب سلوكهم العنيف تجاه الحكم" بعد أن طرد الحكم اليوناني ديميتريوس كالوبولوس مدافع الترجي وسام العابدي في الدقائق الخمس الأولى من المباراة. ويتصدر الترجي ترتيب الدوري التونسي بـ67 نقطة بفارق نقطة واحدة عن غريمه التقليدي وملاحقه المباشر النادي الإفريقي.
عوراتنا عندما تنكشف
07/05/2009 12:44:38
غزة – واحة
ProTrader – الجزيرة توك
أسوأ ما يحدث عندما تنكشف عوراتنا على الملأ، أنها تكشف عن مشهد بالغ البشاعة وبأسوأ طريقة. لمن لم يصله الخبر بعد، فإنني أعني ما جرى في دولة خليجية مجاورة (ولا أحسبني بحاجة لذكر الاسم) من تعذيب أحد أفراد الأسرة الحاكمة فيها لتاجر أفغاني اتهم بالاحتيال على عضو الأسرة الحاكمة (الشيخ!) في شوالات من الحبوب تبلغ قيمتها خمسة آلاف دولار. شريط الفيديو الذي أخرج الفضيحة إلى العلن أوضح عملية التعذيب التي باشرها (الشيخ!) بنفسه. والقدر البسيط الذي ظهر لنا في الشريط ذي الخمس وأربعين دقيقة أظهر (الشيخ!) وهو يطلق الرصاص على الأرض قرب الأفغاني، ثم يدخل حفنات من رمال الصحراء، التي كانت مسرح التعذيب، في جوف التاجر المقيد اليدين والرجلين.. وبعدها قام بكشف عورة الأفغاني وضربه على مؤخرته بعصاً ثبت فيها مسماراً، بعدما أكد على المصور التقاط هذه الممارسات.
وكأنّ صرخات الأفغاني المسكين لم تكن كافية للتدليل على معاناته، حيث حرص (الشيخ!) بعدها على نثر الملح على الجروح التي خلفها المسمار، وكان الأفغاني حينها مغشياً عليه من شدة ما لقي من آلام. لولا أن حفلة التعذيب التي شارك (الشيخَ!) فيها بعضُ معاونيه وأحدُ أفراد الشرطة لم تنته بعد. والنهاية التي رأيناها في الشريط كانت عندما قام (الشيخ!) بقيادة سيارته ذات الدفع الرباعي ليدهس رجلي الأفغاني عدة مرات جيئة وذهاباً. تجدر الإشارة إلى أن الشريط الذي عَرَضَتْ بعضَ مقاطِعِهِ محطة آي بي سي (ABC) الأمريكية، يحوي مشاهد قالت المحطة إنها أبشع من أن تبثها. ومما تسرب لاحقاً أن أحد تلك المشاهد كان استخدام عصا صعق كهربائي مع الأعضاء التناسلية للتاجر الأفغاني. أسئلة وخواطر كثيرة تتدافع في البال. و حتى نتمكن من إدراك شيء من المغازي، فإننا نحتاج إلى تحرير بعض السياقات. بداية، فإن توقيت خروج الشريط للعلن قد لا يخلو من سوء نية مبيت لدى الطرف الأمريكي.
وقناعتنا هنا أن استقلالية الإعلام الأمريكي عن صانع القرار في الولايات المتحدة قد بدأت في فقدان مصداقيتها منذ أحداث سبتمبر، وتلقت ضربة قاضية مع الحرب على العراق. هذا الأمر يدفعنا للاعتقاد بأن اختيار هذا التوقيت تحديداً له علاقة قوية بقرار القضاء الأمريكي إلزام وزارة الدفاع على نشر صور المخالفات التي ارتكبتها عناصر الجيش في معتقلاتها في العراق وأفغانستان. والمقرر لهذه الصور أن تخرج للعلن في نهاية الشهر الجاري. وهي صور وُصفت بأنها أكثر بشاعة من تلك التي التقطت في سجن أبي غريب. ولذلك فإن محاولة التعمية على العورة الأمريكية التي ستنكشف لاحقاً لن تتم إلا بعرض ما يقوم به أبناء جلدتنا (بل بعض كبرائنا) بحقنا.
لولا أن ذلك لا يعني أن نتوقف عند التوظيف السياسي للحادثة. فهناك الكثير من الأمور التي تحتاج إلى بيان أملاً في أن نستسقي منها العظة لاحقاً، يمكن تلخيصها في التالي:
أولاً: أن ثقتنا بالقضاء في كل الوطن العربي معدومة عندما يتعلق الأمر بمسؤول كبير في دولة شقيقة. فرجل الأعمال الذي أخرج الشريط للعيان (اسمه بسام نابلسي، وكان شريكاً للـ(شيخ!) قبل أن تؤول الأمور إلى ما صارت عليه) لم يذهب إلى دولة عربية لينال حقه، إنما للولايات المتحدة الأمريكية، رغم كون تلك الدولة الخليجية حليفاً لها.
ثانياً: أن إعلامنا العربي ما يزال متأخراً عندما يتعلق الأمر بحسابات المصالح السياسية في مقابل حقوق الإنسان. وأن التهمة المعلبة بأن الغرب يكيل بمكيالين، لا تنطبق على الغرب وحده. فرغم خروج الشريط للعلن، فإن القليل القليل من وسائل إعلامنا شاركت في نشر القصة المعنية بالإنسان في هذا الجزء من العالم. والأرجح أن ذلك تم بسبب علاقة الحادثة بـ(شيخ!) من الخليج. ولك أن تقارن التغطية الإعلامية التي صاحبت فضيحة أبي غريب بما يشبه التكتم الإعلامي على فضيحة صحراء الخليج. وباستثناء بضع مواقع إلكترونية غير رسمية دخلت على الخط، فإن الآخرون إما صمتوا، وإما نشروا الخبر مستفتحينه بإدانة حكومة الإمارة المعنية ما جرى من أحداث في الشريط.
ثالثاً: أن الثراء الذي حلّ علينا فجأة في الخليج (مع طفرة النفط تحديداً) غيَّرَ الكثير من القيم السامية التي كانت لدى أسلافنا. فلا الدينُ ولا العدلُ ولا الرحمة ولا حتى المروءة منعت من باشر هذا الفعل المشين من المواصلة فيه، ولا هي جعلت أياً من معاونيه على قول كلمة حقّ ٍ أمامه، ناهيك عن مشاركته فيما فعل، بما فيهم الشرطي. وصدق الله العظيم حين قال {إنّ الإنسَانَ ليَطغَى * أن رَآهُ اسْتـَغنَى}.
رابعاً: أن لدينا عجزاً حقيقياً أمام مواجهة أخطائنا. فحكومة الإمارة المعنية عندما ووجهت بالشريط بشكل خاص زعمت في البداية أن الإجراءات التي تمت (موافقة للسياسات والإجراءات الرسمية والقانون). ولكنها بعدما انتشر الشريط عالمياً كالنار في الهشيم، دانت الأعمال التي ارتكبت في الشريط نفسه, دون أن تدين أشخاصاً بعينهم، أو على الأقل تحتجزهم على ذمة التحقيق في فضيحة بهذا الحجم. وهو ما دعا إحدى منظمات حقوق الإنسان إلى القول بأن البيان خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن الاختبار الحقيقي هو مثول الضالعين في التعذيب أمام القضاء ونيلهم عقاباً يناسب ما ارتكبوه من جريمة.
خامساً: مما جاء في بيان الحكومة المعنية أن المسألة تمت تسويتها لاحقاً من غير دعاوى قضائية، ولكن ما لا نعرفه هو طبيعة تلك التسوية بين جانبين غير متكافئين البتة. فالمعتدي أخ غير شقيق لرئيس دولة ما تزال (مثل شقيقاتها في الخليج) تخطو خطواتها الأولى في التحول من القبيلة إلى الدولة. والثاني مجرد تاجر حبوب أفغاني ليس له سندٌ من دولته المحتلة أصلاً، أو ظهيرٌ في البلد التي انتهكت أبسط حقوقه الإنسانية. والتغطية على طبيعة التسوية (غير المتكافئة أصلاً) يشير إلى إمكانية أن يكون الظلم استمر في التسوية أكثر من أن يكون قد رفع. خاصة أن ما قد يخسره الأفغاني من تجارته هناك قد تكون أضعاف قد يكسبه من القضاء.
سادساً: أن لدينا خللاً كبيراً في تقدير حقِّ الإنسان في الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه. وأثق أن تلك الحادثة هي ما خرج للعلن فحسب، تماماً مثل حوادث التعذيب التي خرجت في مقار الشرطة في دولةٍ عربية أخرى. بمعنى أن ماخفيَ لا شكّ أعظم. وهذا أمر يحتاج للمراجعة في ثقافتنا وأساليب تربيتنا لأبنائنا. فنظرة المواطن للمقيم، والرجل للمرأة، والكبير للصغير، والمقتدر للفقير، والمدير للعامل، والمسلم لغير المسلم، والحاكم ومن معه للمحكوم ما تزال أسيرة الاستعلاء والاستئثار بالحق دون الآخر. وما لم نتخلص من هذه النظرة العنصرية والمتعالية فإن الحبل سيبقى على الجرار. وكل ما قد يتغير أن الحرص على الاحتفاظ بأشرطة التعذيب سيكون أكثر في المرات المقبلة، ليس أكثر.
سابعاً: أننا بأمس الحاجة للتصالح مع أنفسنا أولاً. ومجرد معرفة أن البيان الذي أصدره مكتب حقوق الإنسان في الدائرة القضائية للحكومة المعنية صادرٌ باللغة الإنجليزية دون العربية، يشير إشارة واضحة إلى أنه يرمي لاسترضاء الآخر، والآخر فقط. والإدانة لما عرض الشريط والوعد بالتحقيق في الأمر إنما جاءا لترطيب الأجواء قبيل زيارة المبعوث الأمريكي دينيس روس للمنطقة. ومفاد الرسالة أننا "مستعدون لعمل ما تريدون، فالمهم رضاكم علينا".
لقد قال أحد الرؤساء العرب ذات مرة (على العرب أن يحلقوا لأنفسهم قبل أن يحلق الآخرون لهم). وكلامه هذا جاء تعليقاً على الخطاب الأمريكي المتزايد إبان حكم الرئيس جورج بوش بفرض الديمقراطية والإصلاح السياسي على الدول العربية. ولأن ذلك الرئيس العربي قال، ولم يحلق لنفسه، فإنه الآن بات يدفع ثمن حلاقة الآخرين، من أبناء جلدته، له. وإذا كنا نعتقد أن الصمت عن عوراتنا التي ما برحت تتكشف يوماً بعد آخر هو الحل، فلا بد أن يأتينا يومٌ نقول فيه جميعاً: إنما أكِلتُ يومَ أكِلَ الثورُ الأبيض.
أبــو قــثم
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire