مأزق القرآن
لا شك أنه من المناطق الأكثر تعتيما في التاريخ العربي منذ حادثة السقيفة إلى اليوم ، منطقة إشكالية جمع القرآن. وإن كانت قد أسالت المداد والدم وقتها ، فسرعان ما خبت مع ترهيب السلطة السياسية.
في الثقافة الشفهية التي اعتمدها الإنسان العربي ؛ عادة ما تتناقل المعرفة بالشكل ذاته التي تتوارث به الخرافات ؛ الشيء الذي يصعب معه أن تصدّق معها في مرحلة لاحقة حتى كل المصادر والمراجع التاريخية بعد أن تترسخ تلك الأفكار و تصبح مسلمات وبديهيات . علينا أن نتخلص من الكسل والمعرفة الجاهزة ، والرجوع إلى المصادر التاريخية قبل أن نأخذ أحكاما قادمة من مؤسسات وأشخاص يخفون عنا الحقيقة بشكل يخدم مصالحهم .
كلنا قدمت لنا المؤسسة الرسمية الثيوسياسية مسألة جمع القرآن في عهد أبي بكر ثم في عهد عثمان - رغم أنه جمع مرة أولى ، و لم يشرحوا لنا ما الداعي لجمعه مرة ثانية ؟ - ورغم أنهم لم يشرحوا لنا لماذا صعوبة التكليف بجمع القرآن والطريقة التي اعتمدها زيد في ذلك أصلا وقد كان للرسول كتبة القرآن ، ومن المفروض أنه مجموع عندهم ؛ فإنّ المستغرب له أكثر هو أنهم لا يقولون لنا أن عثمان دفن في مقابر اليهود بعدما رفض المسلمون أن يدفن في مقابرهم ولم يدفن إلا بعد ثلاثة أيام من موته وأن الاثنين الذين قتلا معه رميا في العراء لتأكلهما الكلاب ، ولم يقولوا لنا أن محمدا بن أبي بكر وعائشة والكثير من الصحابة اتهموا عثمان بتحريف القرآن .و ما الطريقة الذليلة والمهينة التي مات بها عثمان على يد الصحابة إلاّ تؤكد أنه قام بأشياء فظيعة حتى يؤول به الأمر ذاك المآل.
لقد ورد في السيرة الحلبية أن أول من دخل على عثمان الدار هو محمد بن أبي بكر فأخذ بلحيته هزّها وقال له ما أغنى عنك معاوية ..ثم طعن جبينه بمشقص ثم ضربه بعض أعوان أبي بكر بالسيف – وأن يتجرأ محمد بن أبي بكر على عثمان الخليفة والمبشر بالجنة فذلك يعني أنه كان مسنودا من جماعة المسلمين التي وصل بها الحقد على عثمان إلى كسر ضلعه وهو ميت .
فماذا فعل عثمان حتى يلقى كل ذلك ؟
أكيد أن الأمر يتجاوز المسألة المالية إلى أشياء عقدية أخرجته من دائرة المسلمين والتي من بينها تحريف القرآن كما اتهمه محمد بن أبي بكر . قد ذكر السجستاني أنه أحرق العديد من المصاحف كمصحف أبي كاتب الرسول ، ومصحف سعيد بن جبير ، ومصحف عبد الله بن زبير ، ومصحف عبد الله بن مسعود ومصاحف أخرى ... وهو ما أثار النقمة عليه، إذ لم يكتف بإقرار مصحفه كمصحف رسمي للمسلمين ، بل تعداه إلى إحراق كل المصاحف التي تخالف مصحفه . وكل أولئك الصّحابة عرب وقرشيون وكتبة رسول الله ، فلماذا سيحرق مصاحفهم ؟؟؟ إن الأمر ليس كما تسوق له الأنظمة الثيوسياسية على أن ثمة اختلاف بين العجم والعرب . إن تلك المصاحف عربية وقرشية أيضا . فأين العجم في تلك المصاحف؟؟؟
يطالعنا الإتقان في علوم القرآن على لسان زيد : مات النبي ولم يكن القرآن جمع في شيء .
وزيد كاتب الرسول بالإضافة إلى آخرين . و من الواضح جدا من خلال الطريقة التي سيجمع بها القرآن أنه لم يكن عنده كل القرآن . يوضح لنا ابن سعد في الطبقات كمثال طريقة جمع القرآن في عهد أبي بكر : "أمر أبو بكر عمر بن الخطاب وزيدا بن ثابت قال : اجلسا على باب المسجد فلا يأتينكما أحد بشيء من القرآن تنكرانه يشهد عليه رجلان إلا أثبتماه " . ها هو أبو بكر يأمرهما بإثبات كل قرآن في المصحف يسمعانه من راوي مع شاهدين . فتلك هي طريقة جمع القرآن كما تطالعنا كل المصادر ، بالإضافة إلى كيف تتبع زيد القرآن هنا وهناك وفي هذه الصحيفة وأخرى ، ومن المنطقي أن يضيع قرآن كثير بهذه الطريقة وهو ما أكده عمر . لقد ورد في كتاب الإتقان أن عمر بن الخطاب كان يقول : لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله وما يدريه ما كله ، قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر . وفي نفس المصدر تقول عائشة : كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمن النبي 200 آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن ، أي 73 آية . يقول السيوطي عن ابن أبي كعب أنه سأل المسلمين ما هو عدد آيات سورة الأحزاب فقيل له 72 أو 73 فقال له أنها كانت تعادل سورة البقرة ، وكان فيها سورة الرجم ...
ما يثير السؤال والغرابة لماذا لم توكل هذه المهمة بالإضافة إلى زيد إلى عبد الله بن مسعود أو الكتبة الآخرين ، ومن المشهور في كل الروايات أن زيدا عندما هاجر النبي إلى المدينة كان لا يزال طفلا يلعب مع الصبيان ، فكيف يكلف أمير المؤمنين زيدا وهو كان طفلا صغيرا في كل مرحلة القرآن المكي حيث لما هاجر النبي كان عمره لا يتجاوز 11 سنة ؟؟؟
وتشهد الطبقات الكبرى ومسند أحمد والنسائي وغيرهم أن عبد الله بن مسعود حضر العرضة الأخيرة للقرآن قبل موت الرسول . يقول فتح الباري للعسقلاني أن قرآن عبد الله بن مسعود هو الأصح ، أخرج النسائي قال : قال لي ابن عباس أي القراءتين تقرأ ؟ قلت القراءة الأولى قراءة ابن أم عبد قال بل هي الأخيرة ، كان رسول الله يعرض على جبريل فحضر ذلك ابن مسعود فعلم ما نسخ من ذلك وما بدل .. إذن ، ثمة اختلاف كبير بين المصاحف التي أحرقها عثمان ، ويكفي أن نعرف أن عبد الله بن مسعود كان يؤكد أن المعوذتين ليستا من القرآن وأنه كان يضع آيات وسور لا توجد في مصحف عثمان ولماذا لم يكلف عبد الله بن مسعود وأحرق قرآنه ؟ وتشهد كل المصادر على أنه حضر العرضة الأخيرة وكان مرجعا أساسيا للقرآن في عهد الرسول ؟؟ ثمّ لماذا عمر بالذّات هو الذي يحضر عملية جمع القرآن مع زيد ؟ وكان بالإمكان أن يكون صحابيا آخر مكانه أو معهم ؟؟ هل للأمر علاقة بما حدث سالفا في السقيفة ؟ هل هذه الطريقة مأمونة النتائج ؟؟ أي ، أن أبا بكر أمرهما بأن يكتبوا كل قرآن حتى ولو أنكروه إن كان هناك شاهدان مع راوي الآيات أو السورة؟؟ أليس ثمة احتمال أن تتمّ رواية آيات كاذبة بشهادة اثنين كما حدث مع الأحاديث ؟؟ هذا بالإضافة إلى ضياع جزء مهم من القرآن
لكن الطبراني وابن عساكر يخالف ما جاء في كتاب الإتقان الذي أكد أن الرسول مات ولم يجمع القرآن . ويؤكد المصدران أنه جمع القرآن على عهد رسول الله ستة من الأنصار هم :
أبي بن أبي كعب ، زيد بن ثابت ، معاد بن جبل ، أبو الدرداء ، سعد بن عبيد ، أبو زيد ، وكان مجمع بن جارية قد أخده إلا سورتين أو ثلاثة .
هذا الحديث يقول أن القرآن كان مجموعا على عهد الرسول ، فلماذا تمّ اعتماد جمع المصحف الصديقي بتلك الطريقة التي يتتبع فيها زيد القرآن من هنا وهناك ، ويجد آيات هنا وتضيع منه أخرى ، ولا يجد أخرى إلا عند واحد أو اثنين إن كان بإمكانه الرجوع إلى هؤلاء المذكورين ؟؟ ولماذا سيورد الطبراني وابن عساكر هذا الحديث ؟. فإن كان مجموعا في عهد الرسول فأين تلك المصاحف ؟؟ سيقول البعض ربما جمع بمعنى حفظوه عن ظهر قلب ، وهنا سنقع في نفس الفخ التاريخي ، إذا كانوا حفظوه عن ظهر قلب لماذا اعتمدوا تلك الطرق في الجمع ؟؟ ولماذا بعض الآيات رواها صحابيان فقط ولم يكن الصحابة الآخرون يعرفونها ؟؟؟
تقول العديد من المصادر وعلى رأسهم شيخ السنة البخاري كيف جمع زيد القرآن:
" فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري ، لم أجدها مع غيره " .
ويذكر أبو داوود في سننه حول الآيتين الأخيرتين من سورة التوبة ولم تدرجا عند جمع القرآن زمن عمر : أتى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر سورة براءة فقال : أشهد أنني سمعتهما من رسول الله ووعيتهما فقال عمر أنا أشهد لقد سمعتهما ثم قال لو كانتا ثلاث آيات لجعلتها على حدة ، فانظروا آخر سورة من القرآن فألحقوهما في آخرها فألحقوهما بسورة براءة – التوبة – .
ويظهر واضحا من الحديث طريقة ترتيب السور والآيات في القرآن باجتهاد الصحابة . وهو ما دفع بالكثيرين من الصحابة أيضا أن الترتيب وأسماء السور وترتيبها هي اجتهادات فردية واختلفوا حولها أحيانا .
إن جميع علماء الإسلام من مفسرين ورواة حديث وغيرهم يعترفون بأن ثمة آيات وسور سقطت من مصحف عثمان . ومن المصادر السنية أن سورة الأحزاب كانت تساوي في الطول سورة البقرة كما أقر القرطبي حيث يورد رواية عائشة : كانت سورة الأحزاب تعدل على عهد رسول الله 200 آية . وأن سورة براءة بقي منها ربعها فقط .يقول السيوطي مع غيره أن دعاء القنوت من جملة القرآن ، وأن سورة الخلع و الحفد قد سقطتا وأنهما كانتا في مصاحف ابن عباس وأبي بن كعب وابن مسعود وأن عمر بن الخطاب قنت بهما في الصلاة .
فلم هذا الاختلاف بين الصحابة حول القرآن ؟ أليس القرآن يتضمن إعجازا لغويا إلهيا ؟ ومن السهل الحسم بين ما هو أسلوب إلهي وما هو أسلوب إنساني ؟؟ وقد أوردت أغلب المصادر من بينها صحيح البخاري روايةَ عائشة التي تؤكد أن آية الرجم ورضاع الكبير من القرآن وقد أكلتهما دابة بعد موت الرسول .
ومما يبدو واضحا من سقوط آيات كثيرة ، يقول الطبرسي في كتاب الاحتجاج :
قال علي في قوله تعالى " -وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء –
وليس يشبه القسط في اليتامى نكاح النساء ولا كل النساء أيتام فهو مما قدمت ذكره من إسقاط المنافقين من القرآن وبين القول في اليتامى وبين نكاح النساء من الخطاب والقصص أكثر من ثلت القرآن " .
جاء في تاريخ الخلفاء للسيوطي أخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال نزلت في علي 800 آية . وقد ذكر السيوطي في الإتقان سورتي الحفد والخلع وسورتي النورين والولاية
فهل السيوطي أيضا لم يفرق بين الأسلوبين ؟
وقال أن سورة التوبة لم يجمع منها إلا الربع ، وأن سورة الأحزاب ضاعت ، بل يأتي بكلام ابن عمر عن سورة التوبة حين تحدث عنها قائلا " وهل فعل بالناس الأفاعيل إلا هي ؟ ما كنا ندعوها إلا المقشقشة " ،
ومع سقوط العديد من آيات التوبة بشهادة المفسرين السنيين أنفسهم ، مع شهادة العديد من الصحابة بما فعلته بهم سورة التوبة ، مع الأحاديث الواردة عن قرآن علي وما تضمنه من فضائح للمسلمين فإن الأمر يستدعي وقوفا طويلا أمام سقوط هذه الآيات من سورة التوبة والأحزاب الذي تأتي به تفسيرات القرآن وكتب التاريخ من داخل النظام السني ، وما تداعياتها على مسألة الجمع برمتها .
قال ابن النديم في الفهرست قال ابن سيرين وكان عبد الله بن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه ولا فاتحة الكتاب . قال الطبرسي في الاحتجاج : عندما جاء علي بمصحفه وفيه فضائح القوم فقالوا ردّه يا بن طالب لا حاجة لنا فيه ، وعن أبي ذر الغفاري جمع علي القرآن وعرضه على المهاجرين والأنصار فلما فتحه أبو بكر في أول صفحة وجد فضائح القوم ...فدعا زيدا وقال له قد رأينا أن نؤلف القرآن ونسقط منه ما كان فضيحة وهتكا للمهاجرين والأنصار فأجابه زيد إلى ذلك. قال السيوطي في الإتقان عن ابن حجر أن مصحف ابن مسعود لا يتضمن المعوذتين ،أورد ذلك المعجم الكبير للطبراني : عن عبد الرحمان بن يزيد قال : رأيت عبد الله يحك المعوذتين ويقول لم تزيدون في ما ليس فيه . ويقول مالك كما أورد السيوطي أن سورة التوبة سقط منها آيات كثيرة في أولها ومنها بسم الله الرحمان الرحيم وقد تبث أنها كانت تعادل سورة البقرة في طولها .
جاء في الإتقان للسيوطي : " قالت حميدة بنت أبي يونس قرأ أبي وهو ابن 80 سنة في مصحف عائشة إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما وعلى الذين يصلون الصفوف الأولى . ثم قالت حميدة وذلك قبل أن يغير عثمان المصاحف " . وهذا اعتراف واضح بتغيير عثمان للمصاحف . وقد جاء في البداية والنهاية لابن كثير أن محمدا بن أبي بكر قال لعثمان : لقد غيرت كتاب الله . ذكر الطبري كيف كانت عائشة تسبّ عثمان وتقول : اقتلوا نعتلا لعن الله نعتلا ، دفن في حش كوكب في مقابر اليهود ولما ملكت بني أمية أدخلوا ذلك الحش في البقيع ، وكسر أحد المؤمنين ضلع عثمان وهو ميت .
أما الآيات التي أكلتها الدابة فلا يكاد مصدر يخلو منها فقد روى ابن حزم في مجلده رواية عائشة عن أكل الداجن لآية الرجم والرضاعة وآيات أخرى بعد موت الرسول ، وبقي عمر يقرأ بآيات الرضاعة بعد وفاة الرسول . وقد أكد الرواية البخاري والعديد من المصادر بمختلف الاتجاهات .
ومما أورده حجر العسقلاني وهو معروف في روايات كثيرة أن حذيفة عاد من غزوة أرمينية فقال لعثمان أن أهل الشام يقرؤون بقراءة أبي بن كعب فيأتون بما لم يسمع به أهل العراق وإذا أهل العراق يقرؤون بقراءة عبد الله بن مسعود فيأتون بما لم يسمع به أهل الشام ، فيكفر بعضهم بعضا . عبد الله بن مسعود وأبي هم من كتبة الرسول ولا علاقة لهم بما تروج له المؤسسة الثيوسياسية من اختلاف بين العرب والعجم ؟؟ ولا أعرف مصدرا واحدا تكلم عن ما يزعمون ؟ فالاختلاف كان بين قراءات عربية قرشية . ولعل صحيح مسلم عندما يشرح لنا هذا الاختلاف والاقتتال منذ زمن الرسول ولا علاقة له بالعجم حين يقول أن عمر أراد أن يقتل أحد الصحابة لما قرأ سورة من القرآن بشكل مختلف عندما كان الرسول حيّا ، لكن الرسول قال له أن القرآن نزل بسبعة أحرف .
وفي تفسير الطبري وسنن النسائي أن أبي كاتب الرسول شك في القرآن أكثر من شكه في الجاهلية عندما وافق الرسول على قراءة رجل بشكل مختلف عن الشكل الذي حفظها به أبي ؟؟؟ كما ذكر مسند الإمام حنبل أن ابن مسعود وقعت له مسألة مماثلة مع رجل حول سورة الأحقاف ...
إذن ، كيف كان كتبة القرآن يكتبون ؟ هل بحرف واحد أو بسبعة أحرف ؟ وإن كانوا يكتبون بسبعة أحرف وشرع لهم الرسول ذلك لماذا سيحرق عثمان المصاحف الأخرى ؟؟؟ هل الرسول سوف يأمر بفعل شيء هكذا ليحرقه عثمان بعد ذلك ؟ بل أورد سنن أبي داوود أن الرسول قال لجبريل أن أمته لا تستطيع قراءة القرآن على حرف واحد وطلب من الله أن يكثر القراءات بنفس الطريقة التي طلب من الله أن ينقص الصلوات ، وأمر القراءات والأحرف معروف اختلافه .
أما عن الأخطاء الإملائية في كتابة مصحف عثمان فيقول ابن خلدون في تاريخه " وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم وكانت غير مستحكمة في الإجادة فخالف الكثير من رسومهم ...ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها تبركا بما رسمه أصحاب الرسول " . أورد تاريخ المدينة لابن شبة النميري أيضا أن عائشة قالت " أي بني إن الكتاب يخطئون " عندما سئلت عن الأخطاء الإملائية والإعرابية في القرآن .وقد جاء في الإتقان في علوم القرآن أنها قالت لما سئلت عن الأخطاء الإعرابية كآية إن هذان لساحران "يا ابن أختي هذا عمل الكتاب أخطؤوا في الكتاب " .
ومن الأخطاء التي وضعها كتبة عثمان : إن هذان لساحران – طه – والأصل إن هذين لساحران ، إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون – المائدة69 – والأصل والصابئين ، لا ينال عهدي الظالمين – البقرة 124- الأصل الظالمون ، إن رحمة الله قريب – الأعراف 56- الأصل قريبة ، قطعناهم اثنتي عشرة أسباطا – الأعراف160 – الصواب اثني عشر سبطا ... وللخروج من هذه الإشكالية كتب الإمام الشافعي في الإتقان : لا يحيط باللغة العربية إلا نبي . يقول ابن تيمية " لم يكن أصحاب الرسول ينقطون المصحف ويشكلونها ، فكان في اللفظ الواحد قراءتان كأن يقرأ بالياء وكأن يقرأ بالتاء ...ويقول السيوطي في الإتقان أن اختلاف القراءات أدى إلى اختلاف الأحكام الشرعية لأن البعض قرأ لامستم النساء والبعض الآخر قرأ لمستم النساء بلا ألف . ويقول الجلالان والبيضاوي الخلاف حولها بين الشافعي وابن عمر مع ابن عباس لأن الأخير كان رأيه الجماع والشافعي وابن عمر قالا أن مجرد اللمس ينقض الوضوء .
الأدهى ، أن مصحف عثمان أيضا لم يسلم من تعديلات ، فمن المعروف تاريخيا أن أبو الأسود الدؤلي أول من شكله وفي روايات أخرى الحسن البصري وغيرهم وذلك بأمر من الحجاج بن يوسف الثقافي ، وقد كان قبل ذلك بلا شكل أو تنقيط فالجيم حاء وخاء كلهم شيء واحد ، والسين شين ، والباء ياء وتاء ونون ... قد يقول البعض ليس ذلك مشكلة ، لكنها إشكالية مستعصية خاصة مع رداءة الخط والحبر وما يستعمل كورق من جلود وعظام فها هو كبار من ذكرهم الأدب حماد يقرأ بشكل مختلف كما جاء في تاريخ دمشق لابن عساكر ، حيث قال عن العاديات ضبحا ، والفاديات صبحا . قال ابن كثير في فضائل القرآن : أما نقط المصحف وشكله فيقال أن أول من أمر به عبد الملك بن مروان ... كما جاء في الفرقان لابن الخطيب أن الحجّاج غيّر كلمات كثيرة في القرآن بتغيير التنقيط . بل يوافينا فتح الباري بشرح صحيح البخاري في كتاب تفسير القرآن : قال ابن حجر " أفلم ييأس الذين آمنوا ، أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا " الرعد آية31 " روى الطبري وعبد بن حميد بإسناد صحيح كلهم من رجال البخاري عن ابن عباس أنه كان يقرأها "أفلم يتبين" ، ويقول " كتبها الكاتب وهو ناعس " . ومن المعنى يبدو أن ابن عباس على صواب .
ولإطلالة صغيرة على تاريخ الأمويين الذين أشرفوا على القرآن . يذكر السيوطي في كتابه تاريخ الخلفاء :
قال ابن أبي عائشة أفضي الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره فأطبقه وقال : هذا آخر العهد بك .
وعبد الملك بن مروان هو من نصح ابنه الوليد بالاعتماد على الحجّاج لتصفية كل المعارضين ، وتاريخ الحجّاج الأسود غني عن الاسترسال ، لكن السؤال ، كيف نثق في إشراف الحجّاج على تنقيط المصحف وهو سفاح مئات الصحابة وقاتل سعيد بن جبير ؟؟ وقد كان في عهد المتهتكين بالقرآن . يحكي ابن كثير في البداية والنهاية أن في العهد الأموي يزيد قال شعره متهكما على الإسلام :
" لعبت هشام بالملك فلا / ملك جاء ولا وحي نزل ".
وكيف نثق بهم ولما عين يزيد كما ذكر السيوطي في تاريخ الخلفاء جاء ب 40 شيخا شهدوا له ما على الخليفة حساب ولا عذاب .
وها هو الذهبي يدافع عن الوليد قائلا :
لم يصح عن الوليد كفر ولا زندقة ، بل اشتهر بالخمر والتلوط ؟؟؟
شكرا للذهبي لأنه دافع عن الخليفة وجاءنا بدفاع مستميت عن التقوى ؟؟؟ وذكر المسعودي أن الوليد أراد أن ينصب فوق الكعبة قبة للشرب ، وأنه لما قرأ في القرآن خاب كل جبار عنيد علق المصحف وبدأ يرميه بالنشاب ويقول "
أتوعد كل جبار عنيد / فها أنا ذاك جبار عنيد
إذا ما جئت ربك يوم الحشر / فقل يا رب خرقني الوليد " .
ولعل من الكتب الشيعية المشهورة كما يشير الجابري ، فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب للسيد الحاج ميرزا حسين بن محمد الذي أثبت فيه سقوط سورة الولاية وغيرها . ولقد طرح الأستاذ الجابري سؤالا يستبعد فيه الإسقاط المتعمد للآيات والسور بحجة إشكالية حذف فقط السور والآيات المدنية ، لكن الفرضية لا أعرف كيف لم يلتقطها الجابري بحسه النقدي عن هذه الملاحظة الذكية ؟ وهي الاختلاف الكبير في الخطاب بين السور المدنية والمكية والمغزى منها . فإن كان القرآن المدني جاء بالتشريعات وجاء بتفاعل مع السلطة السياسية الحديثة في المدينة وناقش بصفة عامة السلطة الزمنية والعلاقة مع الصحابة أحيانا والقسوة عليهم في أحايين كثيرة ، فإن القرآن المكي كان منصبا على العقيدة والتوحيد ، لذلك لن يكون من داع لإسقاط تلك السور والتي لن يجد فيها جامعو القرآن أية منفعة لإخفائها . أما القرآن المدني فمن الطبيعي أن تكون ثمة مصلحة كبيرة للسلطة السياسية في اختفاء بعض الآيات إن كانت تمس بعض الصحابة وتشهر بهم ، أو في طريقة تنظيم العلاقات بين الأفراد . أنا لا أعمل على توكيد شيء أو نفيه ، لكن فقط أستغرب من غياب هذه الفرضية على دكتور مثل الجابري عند تطرقه لهذا الأمر بالضبط . فالفرضية تبقى قائمة ، خاصة مع إيراده لنقط الالتقاء الكثيرة التي أوردها بين سورتي التوبة والأحزاب والتي تقول المصادر بضياع جزء كبير منهما ، حيث أن قاسمهما المشترك هو العتاب للمسلمين ، يقول الجابري : لقد اشتملت السورتان على نقد داخلي ومراجعة وحساب وكشف عورات خاصة سورة براءة مما لم يرد مثله في أية سورة أخرى " ذكر القرطبي قال سعيد بن جبير سألت بن عباس عن سورة براءة فقال تلك الفاضحة ، ما زال ينزل : ومنهم ومنهم ، حتى خفنا ألا تدع أحدا . فهل كانت مصادفة أن تضيع نفس السورة التي عرفت أنها تفضح المسلمين ؟؟؟
لكن ، الأسئلة تتناسل هنا وتتكاثر ولا نخرج إلا بفرضيات عبر تقليبنا للمصادر . فلا يمكن للمؤسسات الثيوسياسية أن تقنعنا أن سيرة ابن هشام والسيرة الحلبية ليستا بسيرتين موثوقتين وأنهما مدلستان . فالكل يعرف صدقهما في إطار نقدي طبعا . ولا يمكن لأحد أن يقول أن البخاري ومسلم وسنن أبي داوود وابن ماجة والترمذي والموطأ ..اجتمع أغلبهم على أحاديث تؤكد ضياع آيات وسور من القرآن . فإن شككوا فيهم كلهم ، خاصة ما اجتمعوا عليه فلأي مصدر تاريخي نعود . ومن الغير معقول أن تكون ثمة الكثير من كتب القرآن السنية كالقرطبي والسيوطي والبيضاوي وأعلام السنة قبل الشيعة يؤكدون ضياع السور والآيات ، ويوردون أحاديث صحابة تؤكد ذلك . بل من الغباء أن نرمي مصادر طبقات ابن سعد وكتب الطبراني وكتب العسقلاني وعمر البغدادي و الألوسي وابن عساكر والبيضاوي والذهبي وابن خلدون السجستاني و الطبرسي .... فماذا سيتبقى لنا من أمهات الكتب والمصادر إن كانت كل تلك الكتب ملفقة ومدلسة ؟؟؟ الغريب أن البعض يؤكد مصداقية تلك كل الكتب حينما يكون الأمر في صالحه ويقول أن الكتاب مدلسا عندما يرفض بلا حجة الإجابة عن أسئلة كثيرة .
البخاري الذي يدافعون عنه وعن صحة كتابه أورد أيضا رواية عائشة عن أكل الدابة لآيات من القرآن بعد موت الرسول ولم تكتب في القرآن الحالي . فبشهادتهم أن البخاري أصدق كتاب ، هذا والرواية يشترك فيها الكثيرون وليس البخاري وحده ، فما معنى ذلك ؟؟؟؟ بعض العلماء حاولوا الخروج من المأزق وقالوا إنها ما يدخل في باب الناسخ والمنسوخ . وهذا كلام غير منطقي ، فالرسول قد مات ولا يحق لأحد أن يجزم بعد أن ضيع آيات أو سور ويقول حسب هواه أن ذلك منسوخا .
سأطرح هنا بعض الأسئلة التي لم أجد لها جوابا عبر تقليبي للثرات والمصادر والمراجع وكتب المؤلفين القديمة والمعاصرة آخرها كتاب الجابري .
فانطلاقا من أول آية للحصانة الإلهية للقرآن ، نكون أمام مأزق ديني كبير يتمثل في آيات القرآن التي تجزم أن الكتب الدينية الأخرى محرفة .
فكيف يسمح الله بتحريف كتبه السابقة ؟
سنسلم أن القرآن بحكم أنه التنزيل المكتوب في اللوح المحفوظ منذ الأزل هو وحده كلام الله الغير قابل للتحريف رغم أن المسألة ستتناقض مع المعنى اللغوي والديني لكلمة الذكر كما أوردها ابن منظور. إذن ، فإن الكتب الأخرى كما نزلت ليس كلام الله . فماذا كانت إذن ؟ أعني بطبيعتها الأصلية وليس بعد التحريف .
فمن الغير واجب في حقه تعالى أنه لا يعرف أن اليهود والنصارى سيحرفون كتابه ، كما من غير الواجب في حقه تعالى أن يسمح لهم بتحريف وتبديل كلماته . يبقى أن نقول أن تلك الكتب في أصلها ليست كلمات الله ، وهذا ما لم يخبرنا عنه القرآن أيضا . وهذا ،مع العلم كما سنرى لاحقا أن كلمة الذكر عند ابن منظور اسم لكل كتب الله وليست فقط القرآن .أي أن الذكر يعني الإنجيل والتوراة وغيرها أيضا ...
ماذا تعني آية إنّأ نحن نزلنا الذكر وإنّا له لحافظون ؟ هل تعني القرآن ككلام عربي المجموع في كتاب؟ أم تعني شيئا آخر أوسع وأشمل وأبعد؛ خاصة أنها وردت بكلمة الذكر وليس القرآن أو المصحف . وعندما عدت للسان العرب لابن منظور بحثا عن الذكر وكما هو الحال عادة وجدت تعاريف كثيرة منها :
ذكر: الذِّكْرُ: الحِفْظُ للشيء تَذْكُرُه. والذِّكْرُ أَيضاً: الشيء يجري على اللسان. والذِّكْرُ: جَرْيُ الشيء على لسانك، وقد تقدم أَن الذِّكْرَ لغة في الذكر، ذَكَرَهُ يَذْكُرُه ذِكْراً وذُكْراً؛ الأَخيرة عن سيبويه. وقوله تعالى: واذكروا ما فيه؛ قال أَبو إِسحق: معناه ادْرُسُوا ما فيه. وتَذَكَّرَهُ واذَّكَرَهُ وادَّكَرَهُ واذْدَكَرَهُ، قلبوا تاء افْتَعَلَ في هذا مع الذال بغير إِدغام؛ قال: تُنْحي على الشَّوكِ جُرَازاً مِقْضَبا، والهَمُّ تُذْرِيهِ اذْدِكاراً عَجَبَا... وأَذْكَرَه إِياه: ذَكَّرَهُ، والاسم الذِّكْرَى. الفراء: يكون الذِّكْرَى بمعنى الذِّكْرِ، ويكون بمعنى التَّذَكُّرِ في قوله تعالى: وذَكِّرْ فإِن الذِّكْرَى تنفع المؤمنين. والذِّكْرُ والذِّكْرى، بالكسر: نقيض النسيان، وكذلك الذُّكْرَةُ ... . واسْتَذْكَرَ الشيءَ دَرَسَةَ للذِّكْرِ. والاسْتِذْكارُ: الدِّرَاسَةُ للحفظ. والتَّذَكُّر: تذكر ما أُنسيته. وذَكَرْتُ الشيء بعد النسيان وذَكْرتُه بلساني وبقلبي وتَذَكَّرْتُه وأَذْكَرْتُه غيري وذَكَّرْتُه بمعنًى. قال الله تعالى: وادَّكَرَ بعد أُمَّةٍ؛ أَي ذَمَرَ بعد نِسْيان، وأَصله اذْتَكَرَ فَأُدغم.... والذِّكْرُ: الصيتُ والثناء. ابن سيده: الذِّكْرُ الصِّيتُ يكون في الخير والشر. وحكي أَبو زيد: إِن فلاناً لَرَجُلٌ لو كان له ذُكْرَةٌ أَي ذِكْرٌ. ورجل ذَكِيرٌ وذِكِّيرٌ: ذو ذِكْرٍ؛ عن أَبي زيد. والذِّكْرُ: ذِكْرُ الشرف والصِّيت. ورجل ذَكِيرٌ: جَيِّدٌ الذِّكْره والحِفْظِ. والذِّكْرُ: الشرف. وفي التنزيل: وإِنه لَذِكْرٌ لك ولقومك؛ أَي القرآن شرف لك ولهم. وقوله تعالى: ورَفَعْنَا لك ذِكْرَكَ؛ أَي شَرَفَكَ؛ وقيل: معناه إِذا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ معي. والذِّكْرُ: الكتاب الذي فيه تفصيل الدِّينِ ووَضْعُ المِلَلِ، وكُلُّ كتاب من الأَنبياء، عليهم السلام، ذِكْرٌ. والذِّكْرُ: الصلاةُ لله والدعاءُ إِليه والثناء عليه. وفي الحديث: كانت الأَنبياء، عليهم السلام، إِذا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ فَزِعُوا إِلى الذكر، أَي إِلى الصلاة يقومون فيصلون. وذِكْرُ الحَقِّ: هو الصَّكُّ، والجمع ذُكُورُ حُقُوقٍ، ويقال: ذُكُورُ حَقٍّ. والذِّكْرَى: اسم للتَّذْكِرَةِ. قال أَبو العباس: الذكر الصلاة والذكر قراءة القرآن والذكر التسبيح والذكر الدعاء والذكر الشكر والذكر الطاعة. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: ثم جلسوا عند المَذْكَر حتى بدا حاجِبُ الشمس؛ المَذْكَر موضع الذِّكْرِ، كأَنها أَرادت عند الركن الأَسود أَو الحِجْرِ، وقد تكرر ذِكْرُ الذّكْرِ في الحديث ويراد به تمجيد الله وتقديسه وتسبيحه وتهليله والثناء عليه بجميع محامده. وفي الحديث: القرآنُ ذَكَرٌ فَذَكِّرُوه؛ أَي أَنه جليل خَطِيرٌ فأَجِلُّوه. ومعنى قوله تعالى: ولَذِكْرُ الله أَكْبَرُ؛ فيه وجهان: أَحدهما أَن ذكر الله تعالى إِذا ذكره العبد خير للعبد من ذكر العبد للعبد، والوجه الآخر أَن ذكر الله ينهى عن الفحشاء والمنكر أَكثر مما تنهى الصلاة. وقول الله عز وجل: سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يقال له إِبراهيم؛ قال الفراء فيه وفي قول الله تعالى: أَهذا الذي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ، قال: يريد يَعِيب آلهتكم ...وفي حديث عليّ: أَن عليّاً َذْكُرُ فاطمة يخطبها، وقيل: يَتَعَرَّضُ لخِطْبَتِها، ومنه حديث عمر: ما حلفتُ بها ذَاكِراً ولا آثراً أَي ما تكلمت بها حالفاً
...
إذن ، فالذكر حسب بن منظور لا علاقة له بكتاب القرآن وحده بل يشمل كل كتب الله ، ويتعداها إلى أشياء تعبدية أخرى ...
ثم فرضية أخرى تقفز إلى أذهاننا بشكل علمي ، هل لم يضف أحدهم هذه الآية لإسكات المعارضين ممن عارضوا قرآن عثمان بن عفان أو بعد ذلك ؟؟ خاصة وأننا نعرف أنه أحرق العديد من المصاحف ولا نعرف السبب في إحراقها إن كان كل كلام الله محفوظا . ولا داعي للإشارة إلى اتهام ابن أبي بكر المباشر لعثمان بتحريف القرآن والطريقة التي جمع بها زيد القرآن أمام المسجد باعتماد الراوي وشاهدين .
لماذا تم تكليف زيد وحده من كتبة القرآن وتم استبعاد كل الكتبة الآخرين بل إحراق مصاحفهم أيضا ؟
إذا كان الرسول يكتب القرآن بشكل مستمر عن طريق الكتبة لماذا لم يعتمد أبو بكر على تلك الكتابات ؟ وكلف زيدا بتتبع القرآن في صدور الرجال ومن هنا وهناك ؟
إذا كان تم جمع القرآن في عهد أبي بكر بشكل رسمي ، فمن أين ظهرت تلك المصاحف التي كلها مكتوبة من طرف قرشيين وليس أعاجم وتختلف عن مصحف عثمان مما أدى به إلى إحراقها ؟
لماذا اتهم الكثير من الصحابة عثمان بتحريف القرآن علانية ؟ ولماذا جامع القرآن عثمان منع من الدفن في مقابر المسلمين ؟
لماذا الحجّاج بالضبط من أمر بوضع النقط والشكل التي تختلف معها كلمات كاملة ومعاني جمل وتشريعات ؟ وهل أبو الأسود الدؤلي اطلع على الغيب حتى يشكل القرآن في العهد الأموي المعروف بمعاداته لأهل الرسول ولقتله للصحابة ! ويكفي أن نعرف أن ذلك تم بأمر من الحجاج ؟؟ ما الاختلاف بين قرآن الحجاج وتعديلاته وقرآن عثمان ؟؟ ما الاختلاف بين قرآن عثمان والمصاحف المحروقة ؟؟
إذا كان الكثير من الصحابة اعتبر آيات وسور من القرآن بينما الآخرون أسقطوها ، وقد أوردها علماء القرآن في مصادرهم رغم أن بعضهم أنكرها أو وافق عليها ، وعلى رأسهم البخاري ، فهل اختلط على الصحابة أسلوب وبيان القرآن الإعجازي ؟ إذ كان من المفروض أن ينكروها أو يقبلوها بشكل واضح بحكم معرفتهم بالاختلاف الواضح بين لغة القرآن الإلهية الإعجازية واللغة الإنسانية ؟
أسئلة كثيرة تدهسنا ونحن بعد 14 قرن نقوم بالتمحيص في الموروث الثقافي وفي المصادر المتناقضة القادمة من ذلك الزمان . ربما بعض الاكتشافات العلمية الجديدة لمخطوطات ذلك العصر قد يكون كفيلا بالإجابة على هذه التساؤلات التي عمدت السلطة السياسية على إقبارها عن طريق الترهيب وممارسة الوصاية الفكرية والتدليس وإحراق مئات الكتب وحذف صفحات من أخرى . لكننا أكيد لن نصل إلى إجابات قاطعة بحكم الصراع السياسي الدموي الذي طمس وقام بتعويم الثرات منذ وفاة الرسول إلى اليوم . وسوف تبقى البحوث والكتابات سواء العربية أو الغربية ، القديمة أو الحديثة ، الشيعية أو السنية ، المؤيدة أو المعارضة مجرد إضاءات صغيرة على أرضية ذلك التاريخ قد تصيب أحيانا في نقاط معينة وقد تخطئ أخرى .....
أبو قثم
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire