جاء في كتاب (اغتيال الخليفة أبي بكر) تأليف نجاح الطائي مطبعة دار الهدى للتراث:
أثبتت نصوص كثيرة مصرع أبي بكر بالاغتيال السياسي إذ ذكر أبو اليقظان عن سلام بن أبي مطيع بأن أبا بكر سُمّم فمات يوم الاثنين في آخره والمستفيد الأول من موته كان عمر بن الخطاب، فقد حل في منصبه خليفة المسلمين وعن مستوى علاقتهما قال عبد الله بن عمر: أنهما اختلفا، والنصوص تؤيد اختلافهما إذ قال عمر: كان أبو بكر أعق وهو أحسد قريش كلها. شرح نهج البلاغة -ابن ابي الحديد ج2/ص29.

وا لهفاه على ضئيل بني تيم لقد تقدمني ظالما وخرج إلي منها آثما. والله لو أطعت زيد بن الخطاب وأصحابه لم يتلمظ (أبو بكر) من حلاوتها (الخلافة) بشئ أبدا. والمستفيد الثاني من قتل أبي بكر كان عثمان بن عفان.

في حين كان اتفاق السقيفة ينص على أن أبا عبيدة بن الجراح هو الخليفة الثالث فالظاهر وجود اتفاق بين عمر والأمويين هدفه قتل أبي بكر وخلع ابن الجراح عن الخلافة وتقسيم الخلافة بينهم.

وقد عجّل عمر بدفن أبي بكر في نفس ليلة وفاته قبل أن يصبح الناس فلم يشاركوا في مراسم دفنه.

والمثير للشكوك أن عثمان بن عفان المدعي لكتابة وصية أبي بكر ولوحده، هو نفسه الذي أذاع الوصية على الناس، ولو وصل غير عثمان إلى الخلافة بعد عمر لتبخرت شكوك الناس فكيف تكون الحالة بوصول عثمان إلى السلطة بعد عمر بن الخطاب وبأمر منه؟

والذي يزيد الأمر ريبة ما قاله عثمان أمام الناس عند قراءته وصية أبي بكر: “هذا عهد أبي بكر، فإن تقروا به نقره، وإن تنكروه نرجعه”. وهذا شاهد على عدم تصديق الناس لوصية أبي بكر لعمر المكتوبة بخط عثمان وبدون شاهد!!.

والملفت للنظر أنها كانت بخط عثمان وليست بخط أبي بكر، وكان عثمان الشخص الوحيد الذي حضر وصية أبي بكر عند احتضاره. وهذا شيء مخالف للأعراف الإسلامية والقبلية والسياسية من حضور الأهل والأصدقاء والوزراء والخاصة عند الوصية خاصة إذا كان المحتضر خليفة المسلمين. وأهم دليل على زيف وصية ابي بكر بقاء الوصية بخط عثمان وبدون شاهد وبدون إمضاء.

فلو كان أبو بكر (الذي كان يقرأ ويكتب) لم يتمكن من الكتابة ألا يستطيع إيجاد شاهد على تلك الوصية؟ والمعروف عن عثمان (وهو الذي جمع قرآن محمد) ضلوعه في عمليات التزوير فمن الرسائل الأخرى التي زورها عثمان بن عفان رسالته إلى واليه على أفريقيا عبد الله بن أبي سرح والتي طلب فيها قتل محمد بن أبي بكر وصحبه ولما انكشف أمر تلك الرسالة الخطيرة الموقعة بختم عثمان بن عفان والموجودة بيد خادمه الذاهب إلى مصر أنكر عثمان ذلك. المرجع (اغتيال الخليفة أبي بكر) تأليف نجاح الطائي مطبعة الهدى للتراث.

وقد طالب عمر أبا بكر بالتنحية عن الخلافة بعد سنة من حكمه حسب اتفاقهما وكان أبو بكر قد قبل طلبه ووافق عليه إلا أنه لم يتنازل عن الخلافة ونفذ صبر عمر الذي صرح بذلك قائلا: “قال أبو بكر لي: وإنها لصائرة إليك بعد أيام فظننت أنه لا يأتي عليه جمعة حتى يردها علي فتغافل، والله ما ذكرني بعد ذلك حرفا حتى هلك”. شرح نهج البلاغة – المعتزلي 2/31 – 34.

تمثلت عملية الاغتيال في إعطاء أبي بكر طعاما مسموما قد سُمّ مدة سنة لا ينفع معه العلاج وقد سمم معه طبيبه الحارث بن كلدة فلم يتمكن من معالجة نفسه ومعالجة الخليفة.

ثم تناول البحث عن طبيعة العلاقة بين أبو بكر و عمر بن الخطاب حيث آخى بينهما الرسول وقد كانا على خلاف دائم وبينما يغلب اللين والهدوء على أبي بكر تغلب الخشونة والانفعال على عمر.

عرف أبو بكر بالصراحة في بعض الأحيان ومن صراحته قوله “إن لي شيطانا يعتريني” وكان المقصود في قوله هو عمر بن الخطاب، وقد استعمل أبو بكر عمر على الحج في السنة الأولى وهذا لم يمنع التصادم بينهما لاحقا بشكل علني وغير علني فعزله عن إمارة الحج وعين عتاب بن أسيد محله في السنة الثانية من حكمه وعزل عمر عن إمارة الحج كان من الأسباب الخطيرة لاغتيال أبي بكر لأن عمر فهم من عزله عن إمارة الحج عزله عن الخلافة.

وروى عثمان بأن أبا بكر قال له: “نعم الوالي عمر وما هو بخير له أن يلي أمة محمد صلعم ولو تركته (عمر) ما عدوتك، وما أدري لعلي تاركه والخيرة له أن لا يلي أمركم” إذن نصيحة أبي بكر لعمر هي أن لا يلي أمر المسلمين وأنه كان مترددا في توليته الخلافة. كتاب الثقات – ابن حبان ج2/ض192.

لقد ذكر عثمان بحق رأي أبي بكر المخالفة لخلافة عمر لكنه لم يذكر بحق رأي أبي بكر فيه حيث عين أبو بكر عتاب بن أسيد الأموي أميرا للحج، وتعيين خالدا قائدا لحروب الردّة وتعيين ابن الجراح قائدا لجيوش الشام ولم يعين عثمان في منصب أبدا لا في سلم ولا في حرب وهذا من دوافع اشتراك عثمان مع عمر المعزول في عملية اغتيال أبي بكر وتناوب الخلافة بينهما.

وقد أبطل عمر خلافة أبي بكر علانية أمام الناس: “أيها الناس إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها فمن دعاكم إلى مثلها فاقتلوه”. وكان عمر أول من رفض خلافة أبي بكر بشكل رسمي يوم قال عن أبي بكر: لقد تقدمني ظالما. شرح نهج البلاغة – المعتزلي ج2/ص31-34.

أخرج ابن أبي حاتم بن عبيدة السلماني قال: جاء عيينة بن حصين والأقرع بن حابس إلى أبي بكر فقالا: يا خليفة رسول الله إن عندنا أرضا سبخة ليس فيها كلاء ولا منفعة فإن رأيت أن تعطيناها لعلنا نحرثها ونزرعها ولعل الله أن ينفعنا بها فأقطعهما إياها وكتب لهما بذلك كتابا وأشهد لهما، فانطلقا إلى عمر ليشهداه على ما فيه فلما قرءا على عمر ما في الكتاب تناوله من أيديهما فتفل فيه فمحاه فتذمرا وقالا له مقالة سيئة. المتقي الهندي في كنز العمال ج2/ص189.

وزاد المتقي الهندي فقال: فأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمران فقالا: والله ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟ فقال: بل هو، ولو شاء كان.

وخالف عمر أبا بكر في قضية الولاة إذ عزل ولاة أبي بكر بعد وفاته وهم خالد بن الوليد والمثنى بن حارثة الشيباني وشرحبيل بن حسنة وأنس بن مالك وعكرمة بن أبي جهل وأبو عبيدة بن الجراح. ولقد خالف عمر أبا بكر بعد توليه الخلافة مباشرة إذ ذهب إلى مجلس العزاء النسائي المقام بمناسبة وفاة أبي بكر فأدخل رجل عليهن دون إذن منهن فأخرج أم فروة بنت أبي قحافة (شقيقة أبي بكر) فضربها عمر بدرته ضربا مبرحا وأخرج النساء فبقيت أم فروة عوراء العين إلى نهاية عمرها. كنز العمال 8/118كتاب الموت، تاريخ الطبري ج4 حوادث سنة 13. الكامل في التاريخ ج2/ص204.


://nihaia.wordpress.com

أبو قثم